إن الواقع الحالي للانتخابات الرئاسية الموريتانية المزمع إجراؤها في ال 29 يونيو المقبل لم تتحدد بعد من الناحية الواقعية، فما عدى ترشح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مجرد تعبير ورغبة في الترشح؛ وإن كان الأمر ليس مجرد قرار شخصي أو ثقة زائدة في غير محلها؛ لأن طموح وهدف قيادة البلاد يتطلب التخطيط المسبق والتحضير الجدي منذ الانتخابات البلدية الفارطة؛ كي يكون الحلم ممكنا أو موضوعيا على الأقل، وقابلا للتحقق بدل الاستجداء وطلب التزكية ممن يفترض بينهم التنافس ومحاولة خلق أزمة للتزكية أو بالإشراك القسري في الحديث عنها .
فطلب التزكية وحده قاتل سياسا لمن وثقوا في أنفسهم ذات لحظة بأنهم قادرون على المنافسة قبل الأوان، وأعلنوا الترشح دون اكتمال الشروط في تسرع ومراهقة سياسية لا ترقى لطموح قيادة الجمهورية، وما يجري من مراوغات وتحوير بعد العجز فرادى ومجتمعين في إقناع مائة شخص ضمن المرحلة الأولى يستحيل عليهم كسب الرهان على ماءات آلاف الناخبين المسجلين على اللائحة الانتخابية.
إن ما يحاوله البعض اليوم ليس سوى محاولة لصناعة أزمة ولفت الانتباه مع عدم التحكم في ردات الفعل التصعيدية بدل البحث عن الدعم الوطني والتوجه للمعنيين وخاصة المنتخبين لتجاوز أزمة التزكية، فمنطقيا وبدون جدل عقيم ثمة مشكلة كبير في ايجاد تنافس مقنع ومتكافئ حاليا بين المرشح الأول و من يحلمون بضم أسمائهم لقائمة الترشح كأبعد تقدير.
فالتحليل المنطقي المبني على الواقعية وانطلاقا مما ظهر حتى الآن يضمن ترشح الرئيس ومشاركة زعامة المعارضة أم البقية إن ترشحت فستكون تحت رحمة من سيزكيها في ظل غياب البديل، ومحدودية الخيارات المنافسة حقا، وإن كان التعقل يكمن في المحافظة على الموجود وتعزيز المكتسبات بدل البحث عن الأوهام والجنوح للعواطف القتالة للشأن العام ورواده، والاعتراف بالحقيقة والعمل قبل فوات الأوان، وإن كانت الانتخابات بعد الخمسية المقبلة تتطلب من المهتمين التحضر لها من الآن كي يكون الحلم قابلا للتحقق.