(افتتاحية الوئام ) قد يقول البعض إن غالبية المترشحين للرئاسة يمتازون بالكفاءة لإدارة شؤون البلد، وأن برامجهم الانتخابية مثالية وشاملة تشخيصا وحلولا لكل المشاكل المطروحة للبلد، ولا مشاحة في ذلك، فكلهم، أو جلهم على الأقل، وطنيون ومخلصون لديهم النية الصادقة في إصلاح البلد.
لكن يبقى السؤال المطروح في هذا الظرف الدقيق، والمنعرج الفاصل في تاريخ الوطن: هل تمكن المجازفة بقيادة البلد وسط التحديات الداخلية والاقليمية والدولية؟
لقد عشنا، داخليا، تركة ثقيلة من الانقسام السياسي والمجتمعي غير المسبوق ولكن حكمة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ووطنية أبرز قادة المعارضة خلال العقود الماضية حولت الاحتقان السياسي إلى انفتاح وتشاور واتفاق على خدمة الوطن، لكن الشرخ المجتمعي، وإن كان النظام الحالي قد رممه وتعهده بالإصلاح، يحتاج لسنوات عديدة من الترميم والتعهد، فهو جدار كان يريد أن ينقض لولا أن أقامه ولد الشيخ الغزواني، لكن ظروف الانقضاض لا تزال قائمة وتحديات الهدم لا تزال تجد من يغذيها.
أما على المستوى الاقليمي، فلا يخفى على الكل ما تعانيه العديد من دول الجوار في منطقة الساحل والصحراء من تفكك وحروب وانتشار متزايد للجماعات المسلحة وتوسع لمليشيات فاغنر الروسية، وهي تحديات باتت على أبواب حدودنا الشرقية، وقد دفع بعض مواطنينا أرواحهم وفقدوا ممتلكاتهم نتيجة تردي الوضع في تلك الدول، وخاصة في دولة مالي المجاورة.
هذا الوضع الخطير يتطلب تجربة وحكمة ورزانة وحزم رئيس ذا خبرة أمنية متراكمة، لا رجلا جديدا لم يسبق له أن خبر الحدود أو عالج أزمة أو اطلع على تقارير استخباراتية حول الأمن الاستراتيجي.
أما الوضع الدولي المتأزم أصلا، فهو في طريقه إلى المزيد من التعقيد.. فلا الحرب الروسية انتهت، بل إن روسيا اتجهت نحو تكوين حلف شرقي جديد بالشراكة مع كوريا الشمالية، ولا الحرب على غزة وضعت أوزارها، وكل المؤشرات تدل على أن حرب إسرائيل وحزب الله باتت على الأبواب، وأن ذلك قد يشعل حربا إقليمية طاحنة، فضلا عن تصاعد العمليات في البحر الأحمر ما قد يؤدي لتفاقم أزمة الغذاء عالميا.
وفي هذا الظرف الدولي الحساس، تحتاج موريتانيا إلى قيادة سبق أن تعاملت بنجاح مع تحديات الجائحة الخطيرة كوفيد، وتعاطت بحكمة مع أزمة الغذاء الناتجة عن الحرب في اوكرانيا.
إن كل تلك التحديات الداخلية والاقليمية والدولية، وباختصار شديد، تفرض على الناخب الموريتاني اختيار المرشح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بنسبة تكفل له النجاح في الشوط الأول، لتمكينه من العبور بسفينة البلد إلى بر الأمان عبر هذا البحر الهائج بالأمواج المتلاطمة من التحديات المتزايدة والخطيرة.
وكالة الوئام الوطني للأنباء