افتتاحية الوئام : كما كان متوقعا من طرف جميع المراقبين، وما كان مخططا له من قبل كل المواطنين المخلصين الحريصين على صيانة المكتسبات واستمرايتها، وكل الغيورين على أمن البلد واستقراره، وكل المتطلعين لغد مشرق يتبوأ فيه الشباب مقدمة الركب ويكون فيه غاية ووسيلة التنمية.. تمكن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من العبور المستحق وبجدارة، وبفارق مريح عن أقرب منافسيه، إلى مأموريته الرئاسية الثانية، ليقود سفينة البلاد خلال الخمسية القادمة متسلحا بإنجازات خمسيته الأولى، ومتعهدا بتطبيق برنامجه الجديد الطموح الذي يقوم على ركائز يتقدمها تمكين الشباب ومكافحة الفساد وضمان الأمن وتعزيز الاقتصاد وتنشيط الدبلوماسية.
لقد عرف الشعب الموريتاني كيف يرد الجميل للرئيس محمد ولد الغزواني الذي أعاد البلد لجادة الصواب منذ تنصيبه في فاتح أغسطس 2019، حينما نزع فتيل الاحتقان السياسي وأطلق البرامج الاجتماعية الشاملة وتمكن من إيصال سفينة البلد إلى بر الأمان وهي تكابد أمواج جائحة كورونا والانعكاسات السلبية للحرب في أوكرانيا، وعندما قام ببناء اقتصاد قوي تغلب على تحديات الخزينة الفارغة التي استلمها من سلفه، وسدد الديون المتراكمة الموروثة عن النظام السابق، وعندما أطلق المدرسة الجمهورية التي ستعيد للمجتمع وحدته وانسجامه، وحينما غير النظرة النمطية التي تركها نظام العشرية عن موريتانيا في المحافل الدولية، بعد أن كاد البلد يعرف ببلد السمسرة، فأعاد للدبلوماسية الموريتانية ألقها واحترامها وسيادتها.
فوز الرئيس الغزواني بمأمورية رئاسية جديدة لم يفاجئ أحدا، ذلك أن تاريخه ومأموريته الأولى وتعاطيه الإيجابي مع الآخرين ومع مختلف الملفات المحلية والإقليمية والدولية، ووقوفه المشرف مع اشقائنا في غزة، وإدارته الحكيمة لرئاسة الاتحاد الافريقي... فضلا عن إنجازاته الشاهدة في مختلف المجالات، وخاصة في المجال الاجتماعي، كل ذلك لم يترك فرصة لمنافسته بصورة جادة وقوية في الاستحقاق الرئاسي.
ثم إن منافسيه الستة في الانتخابات، التي طويت صفحتها بفوزه الكاسح قبل ساعات، لم يسبق لأي منهم أن تولى تسيير مرفق عمومي بسيط، أحرى أن يسير بلدا كاملا بملفاته المتشعبة والمعقدة، وهو ما جعل الكثير من الناخبين يتشبثون به خوفا من المجازفة بالبلد ومصالحه ووحدته وسمعته في هذا الظرف الدقيق من تاريخ المنطقة والعالم.
وعلاوة على كل ذلك، كان الناخب الموريتاني أكثر يقظة وحرصا على بلده عندما قرر منح الرئيس الغزواني مأمورية ثانية في ظل الأوضاع على حدودنا الشرقية مع مالي، إذ أن بقية المرشحين ليس لديهم إلمام بالتحديات الأمنية، ولا بالعلاقات الدبلوماسية، ولا بتشابك مصالح الأمم.
ورغم أن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات قد قامت بجهود جبارة لضمان حرية ونزاهة وشفافية الاقتراع وإعلان النتائج، إلا أن المراقبين ينظرون بأهمية بالغة للبيان الذي أصدره حزب تواصل المعارض والمنافس في السباق الرئاسي، والذي قدم حصيلة عمل مراقبيه في مختلف مكاتب الاقتراع، حيث جاءت نتائجه شبه متطابقة مع النتائج المنشورة على موقع اللجنة المستقلة للانتخابات، وهو ما كشف زيف ادعاءات أحد المرشحين بحصول تزوير للانتخابات، وأظهر أن دعواته لانتزاع النجاح بقوة الفوضى إنما هي دعوات لأغراض أخرى خفية لا تمت بصلة للواقع، وستكشف عنها الأيام حينما يحزم حقائبه ويسافر في رحلة البحث عن ثمن الترشح ومحاولات إثارة الفتنة، تاركا خلفه الشباب الذين غرر بهم خلف القضبان يواجهون مصيرهم لوحدهم، كما فعل مع غيرهم في مرات سابقة.
لقد فاز ولد الشيخ الغزواني بمأمورية رئاسية جديدة، وكسب الرهان في شوط الاقتراع الأول، عندما زكى الشعب الموريتاني إنجازاته السابقة بمنحه مأمورية جديدة وهو يتطلع للمزيد خلال السنوات الخمس المقبلة.
غير أن ما ميز هذا النجاح، برأي المراقبين، هو عدم بذل معظم من نالوا الحظوة والمناصب خلال المأمورية الأولى جهودا تذكر لإنجاح الرئيس، على عكس من تم تجاهلهم وتهميشهم، واللذين تفانوا بجد وإخلاص في الحملة الانتخابية وفي يوم الاقتراع، وجلبوا الكثير من الأصوات التي ساهمت في كسب جولة السباق الأولى.
ويتطلع هذا الصنف الأخير لمأمورية جديدة تنصفهم وتضعهم في صدارة المشهد باعتبارهم الأوفياء والمخلصين الذين يعول عليهم في تطبيق برنامج رئيس الجمهورية.
ومهما يكن، فإن نجاح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني اليوم يعتبر نجاحا للديمقراطية ونصرا للبلد في معركته من أجل العدالة والتنمية والرفاه.
وكالة الوئام الوطني للأنباء