حدث وتعليق/ تسوية وضعية المتعاونين.. خطوة مفصلية في مسار إصلاح الإعلام الوطني

شهدت العاصمة نواكشوط، مساء أمس السبت، احتفالية احتضنتها رابطة الصحفيين الموريتانيين بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين، أشرف عليها وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد مدو، لتثمين قرار تسوية وضعية 1860 متعاونا في مؤسسات الإعلام العمومي.

قرار ينظر إليه من قبل الأسرة الصحفية بوصفه تحولا نوعيا على مستوى السياسات العمومية الموجهة للقطاع.

في كلمته خلال الحفل، أكد الوزير الحسين مدو أن إصلاح الإعلام الوطني يمثل ركيزة أساسية في المشروع المجتمعي لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، مشيرا إلى أن التعاطي مع ملف المتعاونين لم يكن مجرد معالجة إدارية، بل استعادة لحقوق فئة خدمت المؤسسات الإعلامية لعقود دون أن تحظى بضمانات مهنية كافية.

هذا التصور يعكس ما بات يُعرف بـ”المقاربة الاجتماعية” في إصلاح الإعلام؛ أي إعادة الإنسان (الصحفي هنا) إلى قلب السياسة العمومية بدل النظر إليه كأداة إنتاج فقط. فالاعتراف بسنوات الخدمة وتسوية الوضعية القانونية والمهنية يعيد للصحفي الاستقرار الوظيفي الذي يشكل أساس الأداء المهني الأرفع.

من جهته، عبّر رئيس رابطة الصحفيين، موسى ولد بهلي، عن اعتزاز الأسرة الإعلامية بالقرار، مؤكدا أنه ثمرة جهود جماعية قادتها النقابات والهيئات المهنية منذ سنوات، في مواجهة ما كان يُنظر إليه كواحد من أعقد الملفات الاجتماعية داخل القطاع.

لقد كان ملف المتعاونين عنوانا لاختلالات مزمنة في تسيير الموارد البشرية داخل المؤسسات العمومية؛ فغالبية المتعاونين كانوا يقومون بمهام دائمة، لكن خارج الأطر النظامية، ما خلق فجوة بين الدور المهني والمكانة القانونية.

وبحل هذا الملف، تكون الدولة قد أغلقت واحدا من أكثر جوانب الهشاشة وضوحا في المشهد الإعلامي.

أما الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، أنطوني بيلانجيه، فقد وصف القرار بالشجاع والتاريخي، معتبرا أنه يعكس إرادة سياسية جادة لتحسين شروط ممارسة الصحافة في موريتانيا.

ويمنح هذا الموقف بُعدا دوليا للخطوة، لكونها تأتي في وقت يشهد فيه العالم نقاشات واسعة حول ظروف العمل الصحفي، حماية المهنيين، وضمان الحد الأدنى من الاستقرار داخل غرف الأخبار.

ويرى المراقبون أن هذه الخطوة لا يمكن أن تُقرأ بمعزل عن برنامج إصلاح الإعلام الذي أطلق خلال السنوات الأخيرة، والذي شمل  إعادة تنظيم قطاع الصحافة العمومية، وتعزيز استقلالية المؤسسات الإعلامية، وكذلك مراجعة آليات الدعم العمومي، فضلا عن إطلاق برامج تكوين مستمر.

وهذا يجعل من تسوية الوضعية لبنة أساسية في إعادة بناء المؤسسة الإعلامية على أسس مهنية مستدامة.

ويمثل قرار تسوية وضعية 1860 متعاونا أكثر من مجرد إجراء إداري.. إنه تثبيت لمكانة الصحفي باعتباره ركيزة في بناء الرأي العام، وإقرار بأن الإعلام القوي يبدأ من احترام العاملين فيه.

وبهذه الخطوة، المبنية على قاعدة الشفافية والعدالة المهنية، يكون المشهد الإعلامي الموريتاني أمام مرحلة جديدة تتعزز فيها القيمة المهنية والشرعية المجتمعية للإعلام العمومي.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

 

أحد, 26/10/2025 - 13:16