
في مشهد يجمع بين رمزية الذكرى الخامسة والستين للاستقلال الوطني ودلالات البناء للمستقبل، أشرف فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، بمدينة نواذيبو على تدشين حزمة مشاريع تنموية كبرى، تؤكد بوضوح أن خيار الدولة الموريتانية اليوم يتجه بثبات نحو ترسيخ السيادة الوطنية، وتعظيم الاستفادة من الثروات الطبيعية، وربط التنمية الاقتصادية بالبعد الاجتماعي والمؤسسي.
وتحمل هذه التدشينات بعدا استراتيجيا يتجاوز بعدها الاحتفالي، إذ تندرج ضمن رؤية شاملة لإعادة الاعتبار للاقتصاد البحري بوصفه أحد أهم أعمدة التنمية الوطنية.
فتعزيز السيادة البحرية لم يعد شعارا، بل تجسّد عمليا في تدشين مرفأ متكامل مخصص لخفر السواحل الموريتانية، يشكل نقلة نوعية في منظومة الرقابة والحماية البحرية.
هذا المرفأ، الذي أُنجز بكلفة 24 مليون يورو بتمويل مشترك بين الدولة وهبة من بنك التنمية الألماني، يعكس ثقة الشركاء الدوليين في الخيارات التنموية لموريتانيا، كما يؤكد جدية الدولة في حماية مجالها البحري ومقدراته.
وبمواصفاته الفنية العالية، وقدرته على استقبال سفن الدوريات والبحث العلمي، لا يمثل هذا المرفأ بنية تحتية فحسب، بل أداة سيادية متقدمة تسهم في محاربة الصيد غير المشروع، وتنظيم النشاط البحري، وضمان الاستغلال المستدام للثروة السمكية، بما يخدم مصالح الأجيال الحالية والقادمة.
وعلى المستوى الاقتصادي، جاءت تدشينات المصانع الصناعية في مجال تثمين المنتجات السمكية لتؤكد التحول من منطق تصدير المادة الخام إلى منطق خلق القيمة المضافة. فمجمع “ATAC SEAFOODS SA” ومصنع “RIM FISH GLOBAL” يعكسان توجها واضحا نحو التصنيع والتشغيل والتصدير وفق المعايير الدولية، بما يرفع من تنافسية الاقتصاد الوطني، ويعزز مداخيل البلاد من العملة الصعبة.
ولا تقل الأبعاد الاجتماعية لهذه المشاريع أهمية عن بعدها الاقتصادي، إذ وفرت مئات فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وأسهمت في دعم الصيد التقليدي والساحلي، بما يعزز الاستقرار الاجتماعي ويمنح الشباب آفاقا حقيقية للاندماج في الدورة الاقتصادية.
وفي انسجام مع هذا التوجه الشامل، شملت التدشينات افتتاح مقر جهوي جديد للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بما يعكس حرص الدولة على تقريب خدمات الحماية الاجتماعية من المواطنين، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وجعل النمو الاقتصادي مصحوبا بحماية الفئات العاملة.
كما أن افتتاح مقر جديد للمحطة الجهوية لإذاعة موريتانيا يجسد إيمان الدولة بدور الإعلام العمومي في ترسيخ الوحدة الوطنية، وضمان حق النفاذ إلى المعلومة، وتعزيز حضور الدولة في الداخل، بدل مركزة الخدمات في العاصمة نواكشوط.
إن ما شهدته نواذيبو ليس مجرد تدشين لمشاريع متفرقة، بل هو إعلان عملي عن مرحلة جديدة قوامها السيادة، والتثمين، والتنمية المتوازنة. مرحلة تترجم رؤية رئيس الجمهورية في بناء دولة قوية بمؤسساتها، وفاعلة باقتصادها، وعادلة بخدماتها، وقريبة من مواطنيها، في مسار تنموي يؤسس لاستقلال حقيقي لا يقتصر على الذاكرة، بل يتجدد في الإنجاز.
وكالة الوئام الوطني للأنباء



.gif)
.png)
.jpg)
.gif)

.jpg)

.jpg)