ولد ببكر جامع للأمة الموريتانيةفي اللحظات الحاسمة من تاريخ الأمم و الشعوب تظهر الشخصيات الفاعلة و الصانعة للتغيير في هدوء وسكينة. تلائم الظرف المحلي و خصوصياته الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية. و الذى لا يخفى أن البلاد الموريتانية على عتبة انتخابات رئاسية، تنشد خيرة أبنائها وكفاءاتها لتصنع التغيير الهادئ بالطرق الأصيلة و المعروفة في النظام الديمقراطي الحديث، والمراعي للمقاصد المراد ترسيخها، والعمل من أجلها نحو مستقبل آمن ومزدهر قوامه الاستقامة والعدل والإنصاف والترفع عن كل ما يمكن أن يشوه الصورة العامة للبلد، أو يشكل عقبة للبناء و التطور. و من الضروري في هذا الظرف البحث عن رئيس جامع للبلاد عارف بالأحوال متمكن من الأدوات المحتاج إليها في ظل الآفاق الاقتصادية الواعدة والازدهار المتوقع في ظل الاكتشافات الغازية والنفطية، و هو أمر يجسده ترشيح الوزير الأول السابق سيد محمد بن ببكر، وهو العارف بتاريخ وآداب منطقة الصحراء بصورة مجملة، والقانوني المتفوق في جميع مراحله الدراسية والتعليمية، والإداري المحنك المتزن في طرحه ذو الثقافة الواسعة، والحاملة معها هم المكروبين والضعفاء، وهو أمر جعله يترفع عن كل مايمس صدقيته أو تاريخه الناصع، فكان نظيف اليد متعففا عن المال العام طوال مسيرته المهنية في أحلك الظروف و أشدها. فما كان من جمهور الشعب و نخبته إلا الاعتراف بالجميل لما قدم من عطاء ورؤية ثاقبة لمسار البلد و واجباته إتجاه أبنائه مهما كان موقعهم و درجاتهم فالعبرة بالكفاءات و المسؤولية و الوطنية. نعم كان الوزير الأول هكذا بدون مراء ولا مزايدة كما تصوره الجميع، عطوفا على المساكين متفانيا في رفع الظلم عن كل من عانى من تهميش أو غبن مهما كان نوعه. و كان ابنا برا ممثلا أحسن التمثيل و أروعه لجميع البلاد الموريتانية بمختلف فئاتها وعناصرها ومجموعاتها. ولد في مدينة أطار فاتح مايو 1958م من أبيه ببكر بن بوسالف ومن أمه فاطمة بنت بكر أمبارك رحمهما الله (بيت عربي أصيل شهير من قبيلة أولاد أحمد المعروفة). و كانت مرضعاته من صميم تلك الولاية، فلكأنه بحق صار إبنا من أبنائها للوشائج وصلات ذي القربي. ثم انتقلت الأسرة بحكم عمل والدها في الجيش الجمهوري إلى ولاية الحوض الشرقي في بداية سبعينيات القرن الماضي، فتوطدت الصلات حتى صار سيدي محمد من أطر الحوض الشرقي ويهتم بمصالحهم العامة والخاصة. وازدانت هذه العلاقات بعلاقة أخرى بولاية الترارزة اكتسبها الوزير الأول والديبلوماسي السابق زمالة للطلبة الدارسين فى المعهد من أبناء البلد بصورة مجملة، ممن سيكونون بناة وأطر الدولة المستقبليين. ثم توطدت هذه العلاقة بأواصر النسب والأخوة والصداقة. ولا نغفل هنا عن الإطار الجغرافي للرجل ولا بيئته في مجال منطقة البراكنه، حيث يعد واسطة العقد أما عن علاقته بالأفارقة الموريتانيين فحدث ولا حرج. قد ورثها من أجداده وحلفهم القديم مع مجموعة كبيرة من التكارير، مما انجرت عنه علاقات وطيدة بجميع الأفارقة السود، فضلا عما اكتسبه من صداقات شخصية مع أبناء الدولة والجمهورية عموما. وقل الشي ذاته عن علاقته بسكان تگانت والرگيبه والعصابه. هذه الوشائج كونت لدى الرجل قناعة راسخة بوحدة المجال والإيمان بأن الاختلاف محمدة وقوة. في إطار المجتمع الواحد المتجانس. ولذا لم يكن يعد نفسه إلا إبنا لجميع الموريتانيين بألوانهم وفئاتهم. وقد ساعدت سرعة اكتشاف الموهبة المتميزة التى يملكها، والشخصية القوية لديه في بروزه ومسؤوليته، مما جعله يتقلد المناصب تلو الأخرى، فزاول عمله في الإدارة المالية في مدينة انواذيبو بعد أن كان متفوقا في المسابقة وأيام الدراسة في المدرسة الوطنية للادارة. لتبدأ علاقات جديدة بأبرز أطر ولاية انواذيبو، من أمثال المرحوم حمدي ولد مكناس وغيره من مثقفي وساسة هذه الولاية العريقة ونخبتها وساكنتها عموما. ولعل هذه المزايا مكنت الرجل من أن يكون فارس المرحلة الديمقراطية الوليدة في موريتانيا سنة 1991م وما خلفت تلك الانتخابات حينها من ضجيج، لكن الحل كان واضح المعالم في البحث عن شخصية تنحاز إلى الثوابت المرجعية، مؤمنة بالجميع كل من موقعه وموقفه. بعد تعيينه أراد ولد ببكر أن تشارك المعارضة آنذاك فحصل على وعود لم يتم الوفاء بها في ذلك الوقت. لتتكرر نفس السانحة في مسار آخر يعتبر تأسيسا ثانيا لمرحلة الديمقراطية والتناوب على السلطة في جو من السلم وروح المواطنة قل نظيرها، وقد قاد هذه المسيرة المظفرة الوزير الأول سيدى محمد بن ببكر بوصفه قائد العمل الحكومي وزيرا أول سنة 2005م ومشعل سلام للتهدئة ومحبة الجميع في حكومة يقودها المرحوم والرئيس السابق أعلى ولد محمد فال، محبا لجيشه الوطني مكتسبا الثقة من قواده وأطره، وشخصا مثاليا في التعاطي مع الطيف السياسي بتشكلاته المختلفة, مما مكن من إجراء انتخابات شهد الجميع بنزاهتها وسلاسة إجراءاتها. ليتولى عديد المناصب بعد ذلك كسفير في عدة دول وقارات من أبرزها مصر وإسبانيا و فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، فكان خير ممثل وسفير للثقافة بحق يعبر عن الشنقيطي في موسوعيته وعلمه الغزير وذكائه المفرط وحسن مجلسه وعدالته. و لا نبالغ إذا قلنا أنه يعتبر بحق جامعا للجميع، بالأواصر و العلاقات الطيبة والقول الحسن، مما جعل الجميع يعتبره النموذج المسؤول، و القدوة الناصعة فى مختلف ومناطق البلاد الموريتانية، ولعل حفر الذاكرة في تاريخه يقرب المسألة ويعطيها الصدقية و المشروعية اللازمة. هكذا كانت المسيرة مما يضيق المقام عن ذكره، فلولى محبة الاقتصار لنقلت السيرة الذاتية للوزير الأول بكاملها، ولكثرت التصانيف والمحتويات، ولتعددت المضامين لمن كان ومازال مثالا ناصعا
ورمزا يستحق التفاف الجميع حوله من أجل موريتانيا الغد في اعتراف يمليه الواقع والضرورة لبلد ينشد التغيير، وأفق يُنتظر أن يكون واعدا ومزدهرا إذا ما قاد مرحلة التغيير القادمة فى تصالح مع الذات المحبة للجميع والمراعية جميع القضايا مهما كان اختلافها وتعددها.