جاءت رسالة الإسلام يحملها محمد رسول الله فى كتاب أنزله الله عليه ليبلغه للناس ليكون مرشدا وهاديا لهم فى الحياة الدنيا، ويبين لهم طريق الجنة فى الحياة الآخرة، لقد حدد الله سبحانه فى التكليف الإلهي لرسوله ما يلي .
أولاً
{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } (67)) سورة المائدة.
ثانياً
{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } سورة إبراهيم.
ثالثاً
{ المص (1) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (2) } سورة الأعراف
رابعاً
{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29) } سورة الشورى.
خامساً
{ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) } سورة الإسراء.
سادساً
{ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)} سورة الزخرف.
سابعاً
ما ذكر أعلاه من آيات كريمة تضمنت التوجيه الإلهي لرسوله عليه الصلاة والسلام ليبلغ الناس بما أمره الله ليرسم لهم منهج حياة يستعين به الإنسان فى حياته الدنيا، ويقدم لهم سبيل الوصول إلى رضا الله ليجازيه بأعماله الصالحة جنة النعيم، كما أن الله سبحانه وضع لرسوله ضوابط للرسالة والتبليغ فى قوله سبحانه : (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) } سورة النحل.
ثامناً
كما أن الله سبحانه حدد لرسوله مسؤوليته بما لا يتجاوز التبليغ وترك الناس يستقبلون دعوة رسالة الإسلام ولهم الحرية الكاملة فى الإختيار، سواء اتباع رسالة الإسلام أم البقاء على دينهم دون فرض ودون وصاية على عباده ، لأن علاقة التعبد قضية مقدسة خاصة بين العبد وخالقه، دون تدخل من سلطة دينية أو دنيوية، وليست الدعوة محصورة على طبقة معينة من الناس وفهم آيات القرآن وتشريعاته وعظاته، ليست مقصورة على بعض الأفراد مكلفين من الخالق بتوجيه الناس إلى مفاهيمهم الدينية واجتهاداتهم الفقهية والعباد ليسوا ملزمين بإاتباع من تمت تسميتهم بالأولياء أو الشيوخ أو العلماء، لأن الرسالة كلف بها عبد من عباد الله اختاره الله لإيصال رسالته للناس لتهديهم سبيل الرشاد والسعادة فى الدنيا وجنة نعيم فى الآخرة.
وقد وجه الله رسوله بكل الوضوح بأنه ليس مكلفا أن يكون وصيا على الناس وعلى شعائرهم العبادية والتدخل فيما بينهم وبين خالقهم، حيث يقول سبحانه (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45)) سورة ق، وقوله تعالى : { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (22)} سورة الغاشية، وقوله : { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ ۖ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ ۚ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54) } سورة الاسراء وقوله تعالى : { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ (107) } سورة الأنعام.
فإذا كان الله سبحانه يحذر رسوله بأن مهمته البلاغ فقط وليس وصيا على الخلق وليس وكيلا عن الله على خلقه فى الدنيا، فمن أعطى حقا لمن يسمون العلماء والشيوخ بأن يعينوا أنفسهم أوصياء على الناس فى عبادتهم؟ أليس ذلك افتئات على الله وتجاوز على حق الله فى عباده؟ كيف سولت لهم أنفسهم أن يمنحوا أنفسهم حقا فى الوصاية على الناس لم يمنحه الله لرسوله حين حدد مهمته المكلف بها من الخالق بالتبليغ فقط، وأضاف على ذلك بالامتناع مطلقا أن يكون وكيلا أو حفيظا أو وصيا على خلقه فهو سبحانه { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) } سورة غافر.
اما الموعظة ونصيحة الإنسان لأخيه الإنسان فيجب أن تتبع نفس الضوابط التى حددها الله سبحانه بأن تكون الموعظة بالحكمة والكلمة الطيبة فإن قبلها الإنسان فله أجران للناصح وإن لم يقبلها فللناصح أجر أيضا، والإنسان حر فى اختياراته وحسابه عند ربه ضمن قاعدة العدل المطلق فى قوله سبحانه : { من عمل صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46) } سورة فصلت، وقوله تعالى { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) } سورة الزلزلة.
فليعلم المسلمون أن الله سيسألهم هل أتبعوا القرآن أم أتبعوا كتب خلقه التى فرقتهم فرقا وأحزابا يتقاتلون مع بعضهم دون هدف ودون مصلحة فأيهما أحق بالاتباع كتاب الله الذى يدعو للرحمة والعدل والإحسان والسلام وعدم ظلم الإنسان لأخيه الإنسان وعدم الاعتداء عليه أم الكتب المسمومة التى نشرت الفتن بين المسلمين وتبنت خطاب الكراهية ونشر الأكاذيب على الله ورسوله وشوهت الصورة الإنسانية فى الإسلام وحولتهم إلى وحوش فقدوا الضمير والرحمة يستبيح بعضهم بعضا.
هل سيظل المسلمون فى جهلهم وصراعهم وعدوهم يرتع فى ثرواتهم ويستولي على أراضيهم فمتى يفيق العرب من غفوتهم فقط طالت قرونا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
شاركها FacebookTwitter