قال سبحانه وتعالى (فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)
لقد وضع الله قاعدة أزلية للإنسان، وخيره بين أمرين فإن اتبع كتاب الله وقرآنه واستنبط مافى آياته وبيانه لوضع التشريعات الإلهية التى تنظم حياة المجتمع على أساس من الرحمة والعدل والإحسان، وادى العبادات على الوجه الأكمل، فسيعيش حياته سعيدا آمنا أما من أعرض عن كتاب الله واتبع أقوال عُبَّاد الله ورواياتهم المزورة على رسول الله وتأثرها بالتقاليد اليهودية وأعراف الجاهلية فإنه سيحيا حياة الضنك والبؤس والتعاسة، ولذلك السبب اتخذ الفقهاء تشريعاتهم فى الزواج والطلاق واعتمادهم على مرجعية الروايات تسببت فى خلق حالة من التشتت للأسرة وزيادة نسبة الطلاق، حيث يتشرد الأولاد وتضيع المطلقات، وتخلق حالة من الضياع للنساء والأطفال، والسبب أن الرجل هو السيد وما ينطقه من كلمة الطلاق، ويرمي عليها اليمين فقد وقع الطلاق، وتخرج من البيت مع أطفالها قليلة الحيلة، لمستقبل مجهول لها ولأطفالها، وحينما نتفكر فى التشريع الإلهي الذى ساوى بين الزوج والزوجة بشأن قرار استمرار الحياة معا أوالانفصال، حيث يقول سبحانه (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) البقرة (٢٣٣)
٢- وقوله سبحانه وتعالى (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة ( ٢٢٧)
تؤكد الآيتان أعلاه أن الطلاق لأيتم إلا بالتشاور بين الزوجين إذا عزما على ، مما يعطى الزوجة حق المشاركة فى قرار الطلاق أو الاستمرار معا لتربية أطفالهما تربية سليمة، لأنه عند بداية الزواج قرر كل منهما الموافقة على الارتباط بعقد الزواج بإرادة كل منهما المستقلة، ولذلك يجب أن يعتمد نفس الإجراء ما تمت بدايته بالاتفاق يتم التخارج منه بالاتفاق، ولايكون للرجل وحده الحق فى قرار الانفصال وتعريض الأطفال لمستقبل مجهول، يتيهون فى الشوارع ، وتصيبهم الأمراض النفسية، ويستدرجهم أصحاب المخدرات واللصوص، ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى أن يتم الطلاق بموافقة الطرفين، وتحمل الزوج مسئولية الصرف المالى على متطلبات الأطفال ورعايتهم من قبل الزوجة بعد الانفصال، ويخصص لها راتبا للعناية بأطفاله، تأكيدا لقوله سبحانه فى حق المطلقة الحامل ٣- (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ )
وقال سبحانه يخاطب رسوله واضعا قاعدة للزوج رحمة به وبأسرته
٤- (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا) الطلاق ١
وهذه الآية تعنى فى حالة حدوث الطلاق بالاتفاق بينهما كما ذكرته الآيات السابقة فلا يتم إخراجها من البيت لمدة العدة، لعل الله يصلح بينهما فى تلك الفترة، والله سبحانه يعطى فرصة للزوجين لإعادة حساباتهما، ومراجعة مواقفهما بشان الاتفاق على كيفية رعاية أطفالهما، والإنفاق عليهما وعلى الزوجة التى ستشرف على تربيتهما وتواجه متطلباتهم الحياتية من نفقات الملبس والمأكل والتعليم والصحة، لأن الله رءوف ورحيم بعباده، فمن أين أتى الفقهاء بفرية الطلاق الشفهي، وكيف سمحوا لضميرهم أن يرتكبوا تلك الجريمة التى تسببت فى هدم وتدمير أسر بالملايين فى العالم الإسلامي، حيث إن معظم حالات الطلاق تمت لأسباب سوء فهم أو حدوث تصرفات من كلا الزوجين لاتؤدي إلى الطلاق بل نتيجة لتضخيم الأخطاء البسيطة وحالة الغضب التى تنتاب أحدهما وقد تكون بسبب مشاكل خارج البيت، أو عدم رضا لمطلب من زوجته لم ينفذ يلقي عليها يمين الطلاق، ورأفة بالأسرة وضع الله سبحانه قاعدة رحمة بهم فى قوله سبحانه
٥-( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) سورة المائدة ( ٨٩)
فمن يحلف على زوجته بالطلاق اعتبرت ذلك الآية الكريمة لغوا فلا يقع الطلاق على الإطلاق إنما يطعم عشرة مساكين كفارة عن يمينه او صيام ثلاثة أيّم مما يمنع هذا الحكم الإلهي تفكك الأسر وتشرد الأطفال، تماشيا مع شريعة الله، وليس شريعة البشر التى لا تعرف الرحمة ولا تقيم للأسرة وزنا.