بعد أربعة أشهر من مغادرة ولد عبد العزيز للسلطة، ختمها في نهاية المطاف بمحاولة رديئة وفاشلة لاستعادة الحزب الذي أسسه من العدم، ولا يزال يسعى جاهدا عسى الناس أن يتحدثوا عنه. فما كاد يعود إلى وطنه، الذي لم يولد فيه (على الرغم من إعلان ميلاد مزور إلى أقصى الحدود)، استدعى رئيس الدولة السابق اجتماع لجنة تسيير “اتحاده” من أجل الجمهورية. عاد الجميع، واثقين من التواطؤ المزعوم للرجل مع صديقه منذ أربعين عامًا. لكن ها هو يصرخ بأن الحزب هو ولا أحد غيره، ملمحا لأولئك الذين ارتموا على عجل في أحضان النظام الجديد. رفض أن يدفن حيا، وحاول نزالا أخيرا لصون ماء الوجه. إن الرجل الذي لم يولد ليخفق على حد قوله، قد ارتطم بجلمود صخر، يتمثل في تناقض حزب مولود من السلطة ولا يستطيع الاستغناء عنها. تميز أعضاء لجنة تسييره ومنتخبيه (النواب والعمد ورؤساء المجالس الإقليمية) عنه. اشتاط رئيس الجمهورية السابق غضبًا، وقاطع احتفالات 28 نوفمبر وبدأ يتجرع غضبه، الذي انفجر مثل البركان خلال مؤتمر صحفي دعا إليه يوم الجمعة 20 ديسمبر في قصره “ألف ليلة وليلة”، بعد أن اعتذرت عدة فنادق بأدب، بينما طلبت أخرى إذنا مكتوبا من الحاكم والذي لم يستطع الحصول عليه، على الرغم من إصراره. يتعلق الأمر بتدبير تعسفي فرضه هو نفسه على الأحزاب والمنظمات غير الحكومية التي تريد تنظيم لقاءات مع الصحافة. باختصار، دل عليه المثل “من يزرع الريح يحصد العاصفة”. كان من المقرر عقد المؤتمر الصحفي عند الساعة 8 مساءً، ولم يبدأ حتى الساعة الواحدة صباحًا. لم يتم بثه على الهواء مباشرة على التلفزيون بسبب “مشكلة فنية” لا يمكن التغلب عليها. كان ولد عبد العزيز محاطًا بالسيدين سيدنا عالي ولد محمد خونا، رئيس لجنة تسيير حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الشامل، وبيديل ولد هميد، النائب وعضو اللجنة المذكورة – الوحيدين الذين بقوا وفيين له… – وسعى إلى التزام الهدوء قدر الإمكان. لكن المرء إذا طرد الطبع، المزاجي والعصبي في هذه الحالة، فإنه سرعان ما يعود راكضا. ومنذ بداية حديثه تكلم الغضوب بصراحة قاسية: “ليس للحزب مرجعية، وهذه الفكرة التي نسمعها منذ بضعة أيام لا معنى لها. بل هي غير دستورية” صرح قائلا. المستشفى الذي يسخر من الصدقة… لا بد من وقاحة كبيرة ليحتج بالدستور ذلك الشخص المثقل بانقلابين عسكريين على رئيسين منتخبين وعبث بالدستور بقرار مفاجئ ومرتجل لإلغاء مجلس شيوخ متمرد. ما ذا عن الثروة ؟ “أنا رجل ثري لكنني لم آخذ قط أوقية من الخزينة ولا من البنك المركزي”. كما لو كان جميع الرؤساء الذين أصبحوا أغنياء قد سرقوا من الصندوق… إن ثروتك، يا سيدي، هي العملات الضخمة، والتبرعات النقدية من الدول الغنية، والامتيازات بغير حق، والشراكات مع الشركات الأجنبية، وخلال أحد عشر عامًا من الحكم، كل شيء يمكن كسبه سرا هنا وهناك. هل يخشى من التحقيق البرلمانية؟ “دعهم يأتون! لكنه يحذر من أن “الأرض ملغومة…”، وهو تلميح محجوب بالكاد إلى الملفات الفاضحة التي ربما يحوزها ضد البعض.هل يكفي هذا للبقاء بعيدا عن أي تحقيق؟ من خلال التظاهر بأنه ضحية انتزعت منه ممتلكاته – “حزبه” في هذه الحالة – ألا يسعى الوصولي المثير للجدل إلى تغيير مكان السؤال؟ منح نفسه بعض الفضاء نحو باب خروج مقبول، إن لم يكن مشرفًا حقًا؟ لكن، ألا يمكن، على العكس من ذلك، أن تؤدي هذه الضجة إلى نتائج عكسية؟ يعني النزال القتال، المشاجرة… نصاب فيها بالخسائر، أيها المواطن محمد ولد عبد العزيز، أكثر بقدر ما نضع أنفسنا على الواجهة أمام الملأ.