يخاطب الله سبحانه رسوله بقوله(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (159: آل عمران).
يعلم الله رسوله عليه السلام بصفات القيادة، وكيف على القائد أن يتعامل مع مساعديه وأصحابه، ويصف الرحمة كصفة أولى تحتوى على قيم كثيرة، وتمكن الإنسان من ممارسة بقية القيم الأخلاقية، ومنها أن يسيطر الإنسان على غضبه، فإذا غضب ينفض الناس من حوله، ويفقد بذلك صفة الإخلاص له وعدم تنفيذ أوامره، كما يجب إذا أخطأ أحدهم أن يعفو عن خطئه ويستغفر له، ليشجع فيه عدم الخوف من قول ما يعتقده من حقيقة، وليستطيع أن يصارح القائد فى حديثه معه، لأن الكلمة أمانة، تأكيدا لقوله سبحانه (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) (72: الأحزاب).
لذلك فإن الكلمة مسئولية يتحتم على ناطقها أن يكون صادقا، تقيا، لا يخاف فى الحق لومة لائم، مخلصًا فيما يقول أو ينصح، لأن الكلمة قد تحمي وطنا إذا كانت أمينة، وقد تدمره إذا كانت النية سيئة وغير مخلصة، كما أن الله سبحانه وجه رسوله بما جاء فى الآية الكريمة أن يشاورهم فى الأمر، يستشير معاونيه ويبحث معهم القرارات المصيرية للدولة، والأمور المتعلقة بمصلحة المواطنين، فى جو تسوده الصراحة والأمانة والثقة والحرص على حماية مصالح الناس، لتحقيق العدالة بينهم، وتأمين الاستقرار لهم والمحافظة على السلام الاجتماعي ليتحقق للناس العيش الكريم.