قال الله سبحانه فى كتابه الحكيم “يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ” (النحل -111) ذلك اليوم هو يوم الحساب يوم القيامة، حيث يصفه سبحانه بقوله” وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) (سورة ق) .
ذلك اليوم الذى يتقدم فيه كل إنسان بدفاعه أمام القاضي الأعظم، كل يقدم مستندات دفاعه، وكل يستمع إلى ادعاء الاتهام فى حضور الشهود من الملائكة، الذين وصفهم الله بقوله “مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ(18)” (سورة ق) حيث تنعقد المحكمة، وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون، كما يصور الله سبحانه يوم الحساب بقوله” وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69)” ( سورة الزمر).
وهكذا يبين لنا الله سبحانه فى القرآن أن حساب الناس تم تحديده يوم القيامة، وهو يوم الحساب، ولقد افترى على الله وعلى ورسوله كل من أضاف قولا أو حكما يختص به الله، وزعم بعذاب القبر، فإن ذلك من اتباع الشيطان، ولا يوجد نص فى الكتاب الحكيم بلغه رسوله عن هذا الإفك المبين، وأن عدل الله المطلق يقتضي ألا ينفذ عقاب قبل المحكمة يوم الحساب، وأن الإنسان عندما يتوفاه الله تتوزع عناصر حياته المكونة من الروح والنفس والجسد، فالروح من أمر الله ترجع إليه، والنفس تذهب إلى البرزخ انتظارا إلى يوم يبعثون، والجسد يعود لأصله ترابا.
فهل من المنطق أن يعذب الله التراب؟! وهل من المنطق أن يحاكم الإنسان مرتين، أولاهما فى القبر قبل المحاكمة، والثانية يوم الحساب، والله لقد كذبوا وحرفوا رسالة الإسلام ليخلقوا فى قلوب الناس الرعب والخوف، ويفترون على الله الكذب بروايات الشياطين، وينسون آيات الله التى أنزلها على رسوله الكريم، الذى يدعو الناس فى كل وقت للرجوع إلى الله، ليدعوه ليغفر لهم أخطاءهم ويهديهم الطريق المستقيم، حيث يقول سبحانه” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” البقرة ( ١٨٦).
وما دام المسلمون يهجرون القرآن، ويتبعون روايات الشيطان، فسيعيشون فى ضلال وفى ظلام تشقى به النفوس، قلقة خائفة من المستقبل، يصيبها اليأس والانحراف، فيضيع الإنسان فى متاهات الوهم والخوف، تحيطه الأساطير والأوهام، ولو رجع لكتاب الله وتدبر ما فيه من دعوة الرحمن للرحمة والإحسان والمغفرة، لكل من يرجع إليه باحثا عن الأمل والنور يضيء به حياته فى الدنيا كما وعد الله سبحانه عباده بقوله” مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)” (النحل) ويذكرنا سبحانه بقاعدة العدل الأزلية بقوله” مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46)” (فصلت).
ويوم الحساب يصفه الله سبحانه بقوله:” وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)” (الكهف).
وهكذا سيكون تساؤل المجرمين الذين افتروا على الله ورسوله روايات شيطانية كاذبة، يحرفون بها كلام الله ألذى أرسل به رسوله عليه السلام ليبلغه لعباده، وتلك كانت مهمته، وقد أدى أمانته ولكن قومه خانوا الأمانة، وارتكبوا جرائم كبيرة بالافتراء على الله ورسوله بروايات ما أنزل الله بها من سلطان، ليبعدوا المسلمين عن كتاب الله وهدايته لهم وليفتنوا المؤمنين والمؤمنات كما وصفهم الله سبحانه” إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)” (البروج) .
لذلك فليعلم المسلمون أن أسئلة الامتحان يوم الحساب ستكون من المنهاج الإلهي القرآن الكريم، ولابد أن تكون إجابات العباد من اتباعهم المنهاج الإلهي ليجزيهم الله جنات النعيم، أما من اتبع مناهج علماء الدين والدعاة والوعاظ، فقد خسر نتيجة الامتحان وسيصلى جهنم وبئس المصير.