تحيي الأحزاب والقوى السياسية الموريتانية ذكرى مرور عام على استلام رئيس البلاد محمد ولد الشيخ الغزواني للحكم، بسلسلة فعاليات تستحضر، ما تجسد على أرض الواقع من التزامات قطعها الرجل على نفسه في إطار برنامج الانتخابي الذي سماه "تعهداتي".
كما شكلت المناسبة فرصة للكتاب والمحللين للوقوف على حصيلة هذه السنة الأولى من خلال استعراض ما اعتبروها جملة الإصلاحات التي دشنها الغزواني منذ اللحظة الأولى لبدء عهدته الرئاسية، واصفين إياها بـ"الإصلاحات الشاملة للمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم في موريتانيا، اعتبر أن السنة الأولى من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، اتسمت بما وصفه الحزب "بتطبيع الوضع السياسي وإعادة تخليق الحياة العامة".
ولعل الحزب يشير إلى التوجه الذي دشنه الرئيس الموريتاني الغزواني، برأي المراقبين، بتغيير قواعد التعاطي بين مكونات الطيف السياسي وجمع كل الفرقاء وجها لوجه، في تكامل وانسجام.
تصور جديد للسلطة
الدكتور عبد الله ولد النم، القيادي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، اعتبر أن السنة الأولى من حكم الغزواني عرفت ما وصفها ب"إصلاحات و إنجازات صامتة تركت أثرا مستداما في المجتمع" على حد تعبيره مشيرا إلى أن ذلك هو ما يعد المقياس الحقيقي للعمل الإصلاحي".
و اعتبر ولد النم في مقال مطول حول ذكرى استلام الغزواني للرئاسة، أن أكبر إصلاح تم تحقيقه هو "تكريس أخلاق سياسية وتصور جديد للسلطة يجعل منها مسؤولية سامية مبنية على القيم و الأخلاق وعلى متطلبات الحوكمة الرشيدة واحترام المصلحة العامة وتعزيز المؤسسات الجمهورية"، وفق تعبيره.
وأضاف القيادي البارز في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا أن من ملامح "الإصلاح الكبير" الذي شهدته السنة الأولى لرئاسة الغزواني يتمثل في العدالة الاجتماعية و المساواة بين المواطنين إلى جانب ما وصفه بـ"حماية الطبقات الهشة و تحسين ظروفهم المعيشية ومحو الفوارق الاجتماعية الموروثة عن الماضي" على حد تعبيره .
كما تطرق ولد النم إلى بعض جوانب ما حققه الرئيس الموريتاني من انجازات في إطار برنامجه الانتخابي "تعهداتي" مستعرضا نماذج من تلك الإصلاحات في مجالات متعددة.
وخلص القيادي في الحزب الحاكم إلى أن سنة أولى هي فترة غير معتبرة في حياة الأمم، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن ما تحقق مع ذلك، وفي ظل ظروف جائحة كورونا، تحت قيادة الغزواني يبرز أن البلاد أصبحت "أكثر اتحادا و حيوية و ازدهارا".
تقوية الدولة
وبدوره يعتبر الدكتور سيد أعمر ولد شيخنا، مدير المركز الاقليمي للأبحاث والاستشارات، في موريتانيا أن أهم ما حققه الرئيس الغزواني خلال هذه السنة هو العمل على تقوية الدولة، مبرزا أن ذلك يعد "شرطا ضروريا لترسيخ الديمقراطية" على حد وصفه.
أشار ولد شيخنا، خلال ندوة فكرية لتقييم سنة أول من رئاسة الغزواني، أن هناك خطوتين مهمتين لتقوية الدولة، بدأهما الرئيس إحداهما خلق مناخ سياسي يعزز تقاليد الانفتاح والتشارك، تتمثل الخطوة الثانية في إعادة الحياة للمؤسسات والوزارات ومنحها الصلاحيات المطلوبة.
وأوضح ولد شيخنا وهو يشغل أيضا منصب الناطق الرسمي باسم الحزب الحاكم، أن الغزواني حقق أيضا خلال هذه السنة الأولى من رئاسته إنجازات في مجال تحقيق العدالة والمواطنة المتساوية، ومحاربة الآثار الاقتصادية للغبن والتهميش، مستدلا على ذلك بإنشاء الغزواني لمندوبية حكومية هدفها العمل على تجفيف منابع هذا الإقصاء والتفاوت الاجتماعي.
برامج تنموية واعدة
أما الخبير الاقتصادي الموريتاني أحمد محمود ولد يسلم، فقد أوضح أن تقييم السياسات والبرامج الاقتصادية للأولى سنوات رئاسة الغزواني يكشف عن "انجازات معتبرة" رغم ظرفية شهد فيها العالم بأسره جائحة كورونا.
واعتبر ولد يسلم، في تصريحات خاصة "للعين الإخبارية" أن أهم إنجازات يمكن رصدها على الصعيد الاقتصادي وهو ما تحقق من مؤشرات معتبرة تدل على الشفافية وحسن التسيير من شأنها أن تبعث التفاؤل بما وصفه بمستقبل لتسارع النمو الاقتصادي وتعزيز السلم الاجتماعي".
وأوضح ولد يسلم أن السنة الأولى من تسيير الحكومة تميزها برامج واعدة تنموية واعدة على حد وصفه، تلامس تطلعات المواطن البسيط وتنسجم مع البرنامج الغزواني الانتخابي (تعهداتي) الذي نال بموجبه الدعم والمؤازرة من طرف الشعب، يضيف الخبير.
واستعرض ولد يسلم نماذج من البرامج والانجازات التي شهدها السنة الأولى من رئاسة الغزواني في المجالات التنموية، مبرزا أن من أنها برامج تعبر عن ما وصفها بـ"الإرادة القوية للنهوض بالبلد وإعطائه مكانته الخاصة إقليميا ودوليا". على حد تعبيره.
وكان الغزواني قد أدى في فاتح أغسطس 2019 اليمين الدستورية رئيسا لموريتانيا خلفا لسلفه ولد عبد العزيز، بعد فوزه في انتخابات رئاسية جرت أواخر شهر يونيو 2019، شهدت منافسة ستة مرشحين للمعارضة.
وتعهد ولد الغزواني، خلال خطاب استلامه للرئاسة أنه سيكون رئيسا لجميع طوائف الشعب مهما اختلفت انتماءاتهم، وإنه سيولي عناية قصوى للفئات المهمشة.
وتوجه "الغزواني" بالتحية للشعب الموريتاني على النضج السياسي والسلوك المدني خلال الانتخابات، مؤكدا أن إدارته ستبدأ في بناء نهضة تهدف لتخفيف وطأة الحاضر وتحسين المستقبل.
ومثّل تنصيب "الغزواني" خلال العام الماضي حدثا بارزا في الحياة السياسية للبلاد، كخطوة هي الأولى من نوعها تنتقل فيها السلطة بين رئيسين منتخبين، وتتم في حضور المدعوين الوطنيين من الشخصيات السياسية والعسكرية في موريتانيا، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في البلاد، إلى جانب الشخصيات الاعتبارية، ورؤساء الأحزاب وممثلي هيئات المجتمع المدني.