وكالة الوئام الوطني (افتتاحية) - في سابقة بتاريخ موريتانيا، تقام اليوم، على أرضنا، كأس إفريقيا للأمم (فئة الشباب). وقد لاحظ مسؤولو الاتحادية الإفريقية لكرة القدم أن كل شيء على ما يرام: ملاعب مهيأة بكل المقاييس الفنية الدولية، وفنادق ونزل بالمعايير العالمية، وفرق طبية مجهزة بأحدث الوسائل، وفرق أمنية نشطة ومتيقظة. إلا أن ما لا يعرفه مسؤولو الفعالية القارية هو أن اليوم، بالنسبة للاعبي كرة القدم وهُوّاتها الموريتانيين، ليس كالأمس، فبالأمس أوقف رئيس الجمهورية مباراة في منتصف وقتها العادي وقبل أن يصفر الحكم، فقط لأنه يحتقر مشاغل الشباب، ويستهزئ بالرياضة، ولا يقيم وزنا لأي شيء يخرج عن نطاق هواياته الشخصية. أما اليوم فلن تتوقف أية مباراة قبل أن يصفر الحكم معلنا نهايتها، ولن يدوس رئيسنا أي مبدأ أو رمز رياضي لأنه يحترم مشاغل الشباب ويثمن الرياضة ويقيم وزنا لهوايات الآخرين.
ولعل الشارع الرياضي الموريتاني ومنصات التواصل الاجتماعي والمواقع الرياضية الدولية ما زالت تتذكر تلك الواقعة النشاز في عالم كرة القدم، عندما تحول الوقت الأصلي للمباراة من 90 إلى 60 دقيقة بقرار رئاسي لم يسبق له مثيل في تاريخ كرة القدم حتى في أعتى الدكتاتوريات.
كانت مباراة كأس السوبر تجمع، يوم 28 نوفمبر 2015، بين فريقي "تفرغ زينه" و"لكصر" في أجواء عادية بمناسبة ذكرى الاستقلال وبحضور رئيس الدولة، وقد تمكن فريق "تفرغ زينه" من تسجيل هدف السبق قبل أن يسجل فريق "لكصر" هدف التعادل. ما حدا بالفريقين إلى تبادل الهجمات في ظروف جد احتفالية، إلا أن رئيس الدولة كان له رأي آخر، فتقمص دور الحكم وقرر وقف اللقاء في الدقيقة 60 من عمر المباراة، آمِرًا باللجوء إلى الضربات الترجيحية التي أعطت الفوز لفريق "تفرغ زينه". وكم سخر الرياضيون والقنوات الرياضية والمعلقون والمحللون الرياضيون من هذه الفعلة الشنيعة لما تمثله من خرق سافر لقواعد لعبة عالمية يحترمها الجميع.
اليوم يحس الموريتانيون بارتياح كبير لأنهم يعلمون أن الحَكَم، في كل المباريات التي ستقام على أرضنا، هو وحده القاضي وهو وحده صاحب القرار النهائي، وأن وقت التمتع بالمباريات سيُحترم، وأن رئيس البلاد لن يزج بأنفه في أمر لا يعنيه منه غير نجاح تنظيمه.
إذن، فليعلب المتنافسون، فوقتهم ملك لهم.. لا أحد سيصفر قبل انتهاء الوقت القانوني، ولا أحد سينتهك القواعد المعمول بها.. إلعبوا فأنتم في أمان.. إلعبوا ومتعونا بالتسديدات والمراوغات الجميلة.. إلعبوا فرئيس الجمهورية اليوم ليس رئيسها بالأمس..
وكالة الوئام الوطني للأنباء (التحرير)