المُراهقة..فقاعةُ الوهمِ الحديث!

محمد عبد الله الشنقيطي

 

المراهقة مُصلح تغريبيٌّ مُعاصِر ؛ من نِتاج الضَّغط الحضاري والغزو الفكري الحديث..لتَبريرِ طيشِ الشباب وانحرافاتهم الفِكرية والسلوكية ، فتجد الشاب البالغ 16سنة فاشلاً في دراسته ، وعاقاً لوالديه ، ومُضيعاً للصلوات ،  ومُدمِناً على الكحول والمُخدرات..ثم يقال : لا زال في سن المراهقة!
يعيش مُدمناً على الألعاب والمسلسلات المنحطة ، والأغاني الماجِنة والأفلام الإباحية ، ويرسُب كل عامٍ دراسي ، ويظل طيلة هذه حياته عالةً على أهلِهِ ومُجتمعِه ، ويتدحرجُ في مُعترك الشبهات والشهوات..ثم يقال : لازال في سن المراهقة!
..حتى صارت يافِطةُ المُراهقة سبيلاً يسلُك من خلاله كثيرٌ من الشباب والفتيات مَزالق الشيطان ، وسُبلَ الغِواية والإغراء..دونَ الشعورِ بالمسؤولية والذنب والتقصير!
وما ذاك إلا لِاعتقادهم أنهم معذورونَ في هذه المرحلة..!

المُراهقة خدعةٌ غَربيةٌ ماكِرة ؛ لإفسادِ الشباب وإغراقه في أوحالِ الشهوات والمُلهيات..فتتعطَّل -بفساده وطيشِه -  عناصرُ القوة في أمتنا المنكوبة ، لأنهم عِمادُ نهضتها وسرُّ قوتها وحاملُ رايتها في كل العصور.
وقد طالعتُ قبل فترة خبراً على جريدة أجنبية ، ورأيتُ تفاصيله على بعض المنصات الإخبارية على اليوتيوب ،  مَفادُه " نداءات من النُّخب الفكرية والفنية في الغرب : لن تستطيعوا القضاء على الإسلام إلا بنشرِ الجنسِ بين فتياتِ المسلمين"!

ذكرني ذلك بما قاله المفكر الإسلامي د.ماجد الكيلاني في كتابه " فلسفة التربية الإسلامية ، ص 112" :
" أفرزَت الحضارةُ المُعاصرة مُضاعفاتٍ سلبيةٍ في حياة الناشئة ، أهمُّها ماسماهُ فقهاءُ التربية الحديثة (بالمراهقة ) ، وهذه فتوى خاطئة أصدرها علماء النفس ، تبريراً للسياسات الجائرة التي يمارسها مُترفو العصر ، فالمراهقة (بمعنى الاضطراب ) ليست مرحلة حتمية في تطور العمر الزمني للإنسان ، ويمكن تجنبها كلياً ، وسببها بقاء الناشئة دون عمل أو رسالة في الحياة تستهلك قدراتهم وطاقاتهم العارمة ، فيدخل هؤلاء في صراع مع طاقاتهم ، المراهقة إذن هي مصارعة الطاقات المحبوسة ".

وهكذا يتضح الأمرُ جلياً -في بُعده التغريبي- أن أكثرَ عاملٍ يُمكن أن يُحقق أرباحاً هائلةً للشركات الرأسمالية هم المُراهقون غير المسؤولين عن أفعالهم ، لأنهم يترحكون وِفقاً لأهوائهم ويُنفقون من أموال الأهلِ بغير حساب ، ويُصبحون مُتابعين جيِّدين للفن المُستهلك ، والموضات الجديدة وألعاب الفيديو والمشاهد الجنسية ..وهلم جرا.
والكنزُ الأثمنُ لأيِّ شركةٍ هو المُستهلك غيرُ الرشيد..!!

في المنظور الإسلامي للبالغ نجد اختلافاً جذرياً بينه وبين منظور الغرب الشهواني ، ففي تراثنا الإسلامي أعلامٌ سامقة في العلوم الشرعية لم تتجاوز أعمارها الرابعة والخامسة عشرة !
ومنهم الفاتحون الذين فتحوا السند والهند ؛ ودُولاً في الشرق والغرب وهم في سنِّ الثامنة والتاسعة عشرة !
فنظرةُ الإسلام للإنسان تختلف عن نظرة الغرب ، فالإنسان المُسلم إذا تحققت فيه شروط البلوغ التي بيَّنَتها الشريعة ، فقد دخل مرحلة التكليف والمسؤولية ، ومؤاخذٌ على أفعالهِ وتصرفاتِه ، وإن صُنِّف بالمراهقة أو امتداد الطفولة.

محمد عبد الله الشنقيطي

خميس, 10/06/2021 - 16:35