ولد عمير ولد بابه في لقاء مع الوئام حول مشاكل الجاليات (نص المقابلة)

أجرت وكالة الوئام مقابلة مع الناشط السياسي محمد فال ولد بابه ولد أحمد الديد، الملقب ولد عمير، تناولت أوضاع الجاليات ومشاكلها وسبل حلها في ضوء الانتخابات التشريعية القادمة التي ينوي الترشح لها.
................
الوئام: يتحرك اسمكم ضمن بعض الأسماء التي يشاع أنها تنوي الترشح للنيابيات القادمة كنواب عن الجاليات الموريتانية في الخارج. هل تؤكدون  ذلك؟
محمد فال: لا شك أن تجربتي، على مدى عقود عشتها في أمريكا الشمالية عموما وفي كندا خصوصا، تجعلني من أكثر الناس اطلاعا على ما تعانيه جالياتنا في شمال أمريكا، وعلى مطامح ومطالب المغتربين على وجه العموم. وبالتالي فإن تجربتي في الغربة وعلاقاتي بالمغتربين مكّنتاني من أن أكون أحد أمثل الأشخاص وأكثرهم استعدادا لتمثيل الجاليات ورفع قضاياهم والدفاع عن مطالبهم.
الوئام: إذن ستترشحون بالفعل للانتخابات البرلمانية نائبا عن الجاليات؟ 
محمد فال: سأترشح للترشح. بمعنى أن حزبي (حزب الإنصاف) هو من يقرر الترشح، وأنا منصاع لقراراته وخياراته. إذن، بالإضافة إلى استعدادي الشخصي، هناك أيضا جماعات عرضت علي أنها ستقترحني، وقبلتُ العرض لأنني اعتبر أن الدفاع عن المغتربين وحمل مطالبهم واجب وطني لا يمكنني رفضه. لكن يجب أن يكون واضحا للجميع أن النائب هو بالأساس مشرّع، بالإضافة طبعا إلى أنه حامل لهموم منتخبيه خلال الجلسات البرلمانية العلنية. وبالتالي لا يطلب منه إلا ما يدخل ضمن صلاحياته. مع العلم أن حزب الإنصاف الذي أنتمي إليه لا شك أنه سيكون صاحب الأغلبية في البرلمان بسبب ما ينتظر منه من النجاح والتوفيق في اختيار المرشحين وبسبب مرجعيته السياسية المتمثلة في الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي جسد إجماعا منقطع النظير. هذه المجموعة البرلمانية المتناغمة سياسيا ستسهّل علينا نقاش اقتراحاتنا وإيجاد حاضنة لها مع أغلبيتنا.
الوئام: ماذا يشجعك على دخول هذا المعترك الذي يتطلب الكثير من الوسائل؟
محمد فال: يشجعني عليه أننا نعيش عهدا أصبحت فيه سلطاتنا العليا تعتمد سياسة الباب المفتوح، أي أن آذانها صاغية، بكل أريحية، أمام مطالب الشعب ومشاغل الناس. هناك استعداد غير مسبوق للاستماع الجيد والتعاطي الإيجابي السريع مع الفاعلين السياسيين والنقابيين والحقوقيين في موريتانيا. هذا الجو الذي يطبعه الانفتاح والشفافية، نريد أن نستغله لنكون في موقع يسمح لنا بحمل مطالب الجاليات والمرافعة عنها أمام السلطات العليا، والبحث، مع الجهات المعنية، في السبل الكفيلة بالرد الإيجابي على تلك المطالب وتلبيتها في أقصر الآجال.
الوئام: إذن تعتبر أن العهد الجديد أكثر مرونة من العهود السابقة بما يسمح بإبلاغ تظلمات ومشاكل الجاليات؟
محمد فال: لكي أكون أكثر وضوحا، أقول لكم بأن عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني جعل كل الأصوات مطمئنة على أن هناك من يستمع إليها ويهتم بها ويتجاوب معها. وهو أمر لم يكن معروفا من قبل، وبالتالي نسعى، من خلال البرلمان، إلى استغلال هذا الانصاف الجليل وهذا الانفتاح الديمقراطي الكبير لكي نعرض مشاكلنا في الخارج، ونناقشها مع القائمين على أمرنا، ونجد لها حلولا مقبولة ومنصفة.
الوئام: هلا تحدثتم لنا عن أهم ما تعاني منه الجاليات من مشاكل؟
محمد فال: في الحقيقة، الجاليات تختلف من منطقة لأخرى، وبالتالي فإن لكل ركن من العالم مشاكله الخاصة، إلا أن هناك جملة من المشاكل يستوي فيها الجميع تقريبا: مثل مشكل الحالة المدنية، إذ لا توجد مكاتب لتقييد الأطفال الذين يولدون في الخارج أو تجديد جوازات السفر. فمن تنتهي صلاحية جواز سفره هناك يبقى في انتظار إجراءات بطيئة يقام بها في نواكشوط قد تحتاج أشهرا وأشهرا. كما تعاني بعض الجاليات من عدم وجود سفارة، مثل كندا حيث توجد جالية من قرابة 6000 شخص يحتاجون إلى سفارة أو على الأقل قنصلية لمتابعتهم والاطلاع على أحوالهم وحل مشاكلهم. هناك أيضا في بعض مناطق العالم، خاصة شمال أمريكا وأوربا، معضلة كبيرة تتعلق بالمسخ الديني والثقافي للأطفال الموريتانيين، إذ لا توجد مدارس لتدريسهم القرءان والأحكام الشرعية واللغة العربية. إذن لابد من نقاش مستفيض مع الدولة الموريتانية لإيجاد حل لهذا المعضل، ولو عن طريق فصول موسمية للدراسة عن بعد بحيث يستخدم معلمون موريتانيون، في نواكشوط، وسائط التواصل لتلقين الأطفال وتعليمهم قيمنا الدينية والثقافية واللغوية، وإلا فسيضيعون في أتون حضارة لا ترحم غير من دخولها مسلحين أصلا بأصول دينهم وثقافتهم. هناك أيضا مشكلة تتعلق بالأسماء، فنحن، مثلا، وصلنا إلى كندا بأسماء، واستصدرنا أوراقنا فيها بتلك الأسماء، وبعد سنوات غيرت موريتانيا أوراقها الثبوتية واعتمدت الإسم الثلاثي، فأصبحت لدينا أسماء أخرى غير تلك المرسومة في وثائقنا بكندا (وباقي الدول طبعا)، ما أدى إلى الارتباك وضياع الكثير من حقوق المغتربين. هناك أيضا مشكل معادلة الشهادات، مثلا: ما نسميه الباكالوريا في موريتانيا ليس إلا امتحان تجاوز في كندا، بالتالي لا يمكن للناجح في امتحان التجاوز في السنة الأخيرة من الثانوية في كندا أن يتقدم لامتحان يتطلب شهادة الباكالوريا في موريتانيا. إذن لابد من حل سريع لمشكل معادلة الشهادات. هناك أيضا المغتربون الذين تتقطع بهم السبل ويصبحون فريسة لعصابات التهريب، وهناك الأموات الذين يحتاجون إلى النقل إلى بلادهم الأم. كما أنه لابد من خطوات فعالة لتخفيف أعباء الجمركة على الجاليات كي تلج ميدان التجارة والمال والأعمال في البلاد، ولابد من خطوات جبارة لتمكين الجاليات من التعاقد مع محامين للدفاع عن مصالحهم والتكفل بملفاتهم في محاكم الدول الأجنبية، وذلك ما لا يمكن إلا بالتنسيق بين مكاتب الجاليات ووزارة الخارجية وممثلي الجاليات في البرلمان. إذن هناك جملة من الإجراءات العملية التي يتوجب القيام بها لنجعل جالياتنا في مأمن، ونسهل عليها ظروف الحياة، ونجعلها نشطة وفعالة ومنتجة، مع ربطها الدائم بقيمها الدينية والثقافية، وتطوير علاقاتها بالشعوب المضيفة من خلال تنظيم المهرجانات الفلكلورية والسهرات الموسيقية والندوات التي تُعرّف بتاريخ البلاد. كل ذلك يساهم في تحسين صورة البلاد بما يضمن زيادة الاهتمام بها من الناحية السياحية، وزيادة الاهتمام بها على مستوى المستثمرين أيضا.
هذه الأمور التي ذكرت أعلاه، وغيرها، لا تمكن مواجهتها بشكل فعال وموضوعي وعملي إلا من خلال قبة البرلمان، وهو ما نصبو إليه بعون من الله، وبتفهم من الحزب، وبمباركة من الجاليات.. 

 

شكرا جزيلا السيد محمد فال ولد بابه ولد أحمد الديد،

 

  وكالة الوئام الوطني للأنباء 

جمعة, 25/11/2022 - 11:02