إلى متى عزيزي القارئ نظل أسيري الحفظ ونعتبره مقام المقامات في تحصيل العلم؟ فلا خلق ولا ابتكار ولا ابداع وإنما العلم عندنا حفظ لنصوص وتكرار واجترار. أين نصيبنا، كمجتمع عالم، من الخلق والابتكار.
الى متى؟
أما ترى أن الحفظ عندنا من المقدسات وفي ذلك يستوي البادي منا والحاضر؟! ومازلنا بدرجة السلم الاولى ؛" العلم فازت به الحفاظ" سواء منا من أبطأ في إجابته ومن سارع. ولا تعول عزيزي القارئ، على جيل يخاف طرح الأسئلة و يعتبرها سوء ادب، و هذا ما يتفشى في غالبية مدارسنا التقليدية اليوم، لماذا ؟ لأن" الشيخ" يفتقد الجواب أو يعوزه الجواب، فأن تطلب منه ما ليس عنده فهذا سوء ادب. ولتتعود على التلقين والحفظ ولتكتف به لتكون طالبا مثاليا ولا تعول عزيزي القارئ،، على جيل الاستظهار وحفظ النصوص. فالعلم فكرة وابتكار وتجديد وتفكيك وتركيب وإعادة صياغة بناء ومهنية بارعة، وقد كنت صريحا في طرحي لأني أرى من واجبي أن اقول ذلك وأن يعرف الناس الحقيقة، رضي من رضي و سخط من سخط.
. والذين يدورون وراء الحفظ ويعددون بعض ايجابياته من مثقفينا وحملة الشهادات العالية، جماعة تخشى السباحة و تتذرع بأن الماء بارد.!!!!!
ما لم نحرك قدرات الفهم، ما لم نعول على الفهم، ما لم نحرك العقل، ما لم نزرع في الطفل ربط الأسباب بمسبباتها ومسوغاتها....مالم نعرف أن العلم ليس تحصيلا وإنما العلم مواصلة الخلق والابتكار، فإن علمنا وتعليمنا سيظلان مجهودات باطلة وقدرات سيزيفية وستظل مؤلفاتنا تكرار الأول للثاني والثاني للثالث وهكذا.....كتب على كتب ومؤلفات على مؤلفات وحلج وجمز وانتصاب على الرأس ورفع أثقال بالأسنان وحركات بهلوانية تخفي النص الأول بإعادته في النص الثاني ولكن لافكرة ولا مجهود جديد لنحصل على مكتبات "بطانا" و شعوب "اخماصا" بلا زاد علمي و لا معرفي شئنا ذلكم أم أبيناه. وأما ما يسود الآن من التغني بالعلم والمعرفة لدى الشناقطة وفي بلاد شنقيط فهو من باب قد سره جريه في القفر منفردا.. ....
لدينا موسوعات علمية وحفظة نصوص وتراث بكم زاخر ولكننا مع ذلك نستجلب المغاربيين والمصريين و المشارقة لتعليم ابنائنا ونستجلب أساتذة الغرب وتقنيي الغرب و معلمي اللغات و التقنيين والفنيين من افريقيا...
ونحن عاجزون عن تنظيف عاصمتنا رغم ما تبذل الحضرية من مجهودات جبارة وعاجزون عن تنظيم حركة مرورنا رغم ما تبذله شرطة المرور من جهد جهيد وعاجزون عن تنظيم امتحاناتنا وعاجزون عن تنظيم حجاجنا وعاجزون عن كتابة تاريخنا احرى تاريخ الأمم الأخرى ولا تجد من بيننا كاتبا معروفا في القصة ولا في المسرح ولا في النقد ولا في الاتجاهات الأدبية.
في الكلاسيكية مثلا، وفي آخر قطار قادم يذكرون المختار ول حامدون ويجبرونه على كلاسيكية لا يريدها ولا تريده،!!!!
وفي الرومانسية يدرجون اسم أحمدو ول عبد القادر وتشعر بان النبتة من حقل مخالف ومن ارض اخرى ... وأما في النقد فلا تسمع للقوم ركزا واما في الصناعة والعلوم ووو فتلك مسالة أخرى
هذه حقيقة والحقيقة مرة وعارية وقد قال المثل : اسمع اكلام امبكينك.......
لقد تحكمت فينا للأسف، مملكة الحفظ والحفاظ إلى درجة التقديس ومن خرج على دينها وملتها يستحق المحاكمة والادانات الكاليلية ......ولنا أن نقول ,: "ومع ذلك فهي تدور"
الدكتور والباحث محمد الرباني
رئيس قسم الدكتورا في جامعة نواكشوط باحث في جامعة السربون بفرنسا