إن القضية التى يواجهها الشعب المصري ليست مجرد شائعات، إنما هي حرب نفسية تم التخطيط لها من أجهزة مخابرات تابعة لدول بعينها، لا تخفى على العاقل والجاهل، ومعروفة أهدافها العدوانية من أجل إسقاط الدولة المصرية، وتحقيق الحلم الإسرائيلي من النيل إلى الفرات، ومن وراء ذلك التخطيط التآمري ضد الدولة المصرية؛ فالكل يعلم دور بريطانيا فى مرحلة إعلان فلسطين وطن قومي لليهود، فى وعد بلفورد سنة ١٩١٧م، وما تلاه من دراسات وتخطيط لتنفيذ الهدف البريطاني، وتحقيق الهدف الإسرائيلي،ونتيجة للتشتت العربى الذي حققته المؤامرات الغربية ضد العالم العربي، نجحت فى اختطاف القرار العربي الموحد، نتيجة نجاح الخطط التى فرقت العالم العربي، وخلقت بينهم الفتنة التى أججت الصراع بينهم، وتسببت فى تفرقهم، وإضعاف وحدتهم لتحقيق أهداف الدول الغربية،التى تنفذ المخطط الإسرائيلي، وقد حاولوا إسقاط مصر فى ٢٥/ يناير، لكن الله سلم بتدخل القوات المسلحة لحماية الشعب المصري، والمحافظة على أمنه، وسيظل أصحاب الأطماع يخططون للسيطرة على ثروات البترول، وإعادة احتلالهم للوطن العربي، نتيجة للثغرات المفتوحة فى جسد الأمة العربية، وانشغالنا بالصراعات والحروب بين الأشقاء من سفك للدماء، وسقوط لعشرات الآلاف من الأبرياء أطفالا ونساء وكهولا، وهم يجهزون المشهد ليسهل على الذئاب افتراسنا، لأن كل دولة فيه مشغولة بنفسها، أو منشغلة بقتال مع شقيق، وهم يستمرون فى شن الحروب النفسية إلى أن يتم تحقيق غاياتهم بأيدينا ودمائنا، ولكن هل تم التركيز على التربية الوطنية فى المدارس والجامعات؟ هل وصلت تلك المعلومات لكل الشباب على كل المستويات وهم حكام المستقبل؟ هل تم تكليف مدراء الجامعات بوضع برامج توعية وتثقيف لكل الشباب، والذين سيلتحقون هذا العام بالتعليم أربعة وعشرون مليون طالب، يشكلون عشرين فى المائة من الشعب المصري، هل تم وضع خطة لهم لتربيتهم على الحق والولاء لوطنهم ، وكيفية مواجهة الشائعات وتعريفهم بأعدائهم الذين لا يريدون لهم التقدم والنجاح، ولا يريدون لمصر أن تكون دولة قوية تدير المشهد العربي والأفريقي والعالمي
كلا وألف كلا.. إن التقصير خطير، والأعداء يستغلون الثغرات، ويثيرون الشائعات، والعقول فارغة جاهزة لتقبل المعلومات الكاذبة، لأنه لا يوجد لديهم مناعة ويا خوفى على وطن عظيم لم يعرف أهله قيمته، واتجهوا للسياحة والوناسة والحفلات بشتى أنواعها، وعدوهم دائم الاستيقاظ يبحث استغلال الثغرات، فانتبهوا أيها المصريون، و يا صناع السياسة التى تكاد معدومة استيقظوا الآن فبل فوات الأوان، وضعوا خطة شاملة للتوعية والتربية الوطنية فى كل المدارس، تكون منهجا ثابتا لخلق المناعة لهم، ولا تنسوا الأحياء الفقيرة والقرى فالقضية ليست الطعام والرغيف، القضية أخطر من ذلك فإذا امتلأ العقل بالسموم فلن يهمهم كل البطون، فالتعامل بالعقل والفكر أولا قبل البطون .
ولا ننسى الدور الأمريكى فى الماضى الذى قدم كل المساعدات العسكرية والمالية لدولة إسرائيل، على حساب دافعي الضرائب من الشعب الأمريكى، وما قدمته من دعم غير محدود ، وخاصة فى حرب ٦٧ ، حيث ساهمت بالمعلومات والسلاح والتخطيط لهزيمة الدولة المصرية، وفى الوقت الحاضر أصبح الموقف الأمريكي أكثر عداوة للعرب، معطلا كل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بحق الشعب الفلسطينى، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بكل وقاحة، باعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتجاوز كل الأعراف والقوانين الدولية، باتخاذه قرارا باعتبار الجولان الأرض السورية المحتلة جزءا من إسرائيل، فمع من يتعامل العرب أعداء طامعين فى ثرواتهم ولصوص مسخرين كل مخابراتهم لإسقاط الأنظمة العربية لمصلحة إسرائيل، والعرب سائرون فى ركابهم دون وعي وإدراك ، بالرغم من معرفتهم بنوايا أمريكا والغرب الخبيثة يفتحون لهم القلوب قبل الأبواب فهل من وقفة تأمل إلى أين نحن سائرون؟! ألم تكن هيلاري كلينتون تتابع أحداث ٢٥ يناير؟! ألم تعترف فى مذكراتها أن دعم امريكا للإخوان للوصول للسلطة أتى لإعطاء إسرائيل جزءا من أرض سيناء لإسكان أهل غزة وإغلاق الملف الفلسطيني؟ لماذا هذا النفاق فى التعامل بين عدو يريد لك الدمار ويعترف صراحة قولا وموقفا معنويا وماديا؟ متى يستطيع العرب تعرية ذلك الخداع الذى تسبب فى نزيف دموي فى الجسم العربي، وأسقط من أعضائه دولا غنية بثرواتها وتاريخها وحضاراتها بدأها بالعراق، وتلتها سوريا، ثم ليبيا والصومال واليمن والبقية تأتي.
كيف نصدق من يقوم باغتيال شعوبنا؟! كيف نأمن لمن يدفن أحلامنا فى تحقيق وحدة أمة العربية تحمى أمننا القومي؟ كيف نهادن ونغمض العيون على حساب احتلال أوطاننا وتمزيق أمتنا، وتشريد الملايين من أبناء الشعب العربي الذي تكالبت عليه الكلاب الضالة والثعالب والذئاب، وسخرت بعض أبناء أمتنا لخدمة أغراضها، و سلمتهم معاول لهدم كل عناصر الوحدة وتفكيك أواصر الأخوة بين الدول العربية، لتكون لقمة سائغة يلتهمونها، وثروات وغنائم لهم يوزعونها بينهم، كما حدث فى تقسيم الأمة العربية فى خطة سايكس بيكو لتعود الآن فى عصرنا الحاضر بأساليب مختلفة أكثر خداعا، وأقل تكلفة، وأبسط عتادا بتكليف بعض أبناء الدول العربية للقيام بمهمة تدمير أوطانهم حتى دخل العرب فى نفق مظلم لا يعرفون للخروج طريقا.