وكالة الوئام الوطني - لم يرض سكان هذه الأرض بالانتماء إلى شيء بقدر إجماعهم على الانتساب إلى شنقيط التي ظلت منارةُ مسجدها رمزا قبل أن تكون تاريخا وتراثا وأثرا وثراء؛ لأن الرموز تصاميمٌ صلبة تصيب الوجدان بطريقة أبلغ من كل الشعارات التي تفيض بدلالات عميقة كالرّموز الوطنية التي عبّرت عن استقلالنا، لكنها لم تصمد أمام الأذواق والأهواء صمود صورة منارة التي هي آخر ما تبقى من ملامح الأوراق الأولى لعُملتنا التي شهدت عدة تغييرات في أقل من نصف قرن وكل مُوحداتنا الأخرى التي أجريت عليها عمليات تحسين لتلائم الوجدان وتعكس حقيقتنا وأملنا وتطلعاتنا...
لم تصب التأويلات اسم شنقيط، ولم تُجرَ عملية تطريز على منارة مسجدها الذي بنته أياد مؤمنة وعلى أسس جعلت أفئدة الناس تهوِي إليه وتهوَى ثقافةَ أهله.
لا أذكرُ غارة فهمٍ ولا زندقةً فكرية حديثة أُطلقت باتجاه هذا الحِمى والحصن الذي لا يضام، لأن شنقيط ألّفت آراء أهلها وفق نسقٍ جعل كلّ الألسنة تنطق اسمها معتزة بانتمائها إليه دون أن تبحث في جذعه وجذوره.
لقد وجه هذا المهرجان رسائل عدة ليس أبلغها جلوس الموريتانيين على منصة واحدة، ولا تقاسيم وجوههم التي تحكي علاقة المشهد بالحاجة إلى معانقة التاريخ في هذا الفضاء المهيب، ولا سعيُ الرئيس أن تكون شنقيط أول محطة في الداخل يزورها منذ تنصيبه رئيسا للبلاد.
لقد أحدثت هذه اللّوحة الناصعة التي فاض بها مهرجان شنقيط عملية بعثٍ لدور شنقيط، ورسمت طبيعة الهُويّة التي ننشدها باختلاف ألواننا وألسنتنا وثقافاتنا، وأعاد دورنا في جذب الجيران والأصدقاء والأشقاء.
محمد ولد سيدي عبد الله.