الوئام الوطني - لم تكد تمر الأيام الأولى من العام الثاني للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في سدة الحكم حتى بدأت المرحلة الثانية من مسيرة الإصلاح التي بدأها منذ أول يوم جلس فيه على كرسي الرئاسة.
كانت المرحلة الأولى، التي استغرقت عاما كاملا، ناجحة بكل المقاييس وفق شهادات الجميع في الموالاة والمعارضة، حيث شهدت التأسيس لإطلاق المشاريع التنموية العملاقة، ووضع الأسس الكفيلة بانتهاج الشفافية في تسيير المال العام ومكافحة الفساد.
لقد قاد الحكومة في تلك المرحلة الوزير الأول السابق، المهندس اسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا، بصرامة وجدية وكفاءة منقطعة النظير، فحققت الاهداف المرسومة رغم العوائق الكبيرة التي لم تكن في الحسبان، والتي بدأت بالكوارث الطبيعة وانتهت بجائحة كورونا، لكن تلك التحديات لم تزد الرئيس وحكومته إلا إصرارا على المضي في تطبيق برنامج "تعهداتي" على مختلف الصعد، وخاصة الخدمية منها، وتلك الخاصة بالرفع من مستوى عيش الطبقات الهشة.
وبالموازاة مع البناء الداخلي، سياسيا بتحقيق إجماع غير مسبوق.. واجتماعيا بإطلاق المشاريع الكفيلة بالحد من ظاهرة الفقر وتعميم المساعدات التي خففت من آثار التحديات.. واقتصاديا بإعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة وصيانة الميزانية والثروات.. ودستوريا بتعزيز الفصل بين السلطات.. بالتوازي مع كل ذلك، عملت الدبلوماسية الموريتانية طيلة العام المنصرم على تعزيز عرى التعاون بين نواكشوط ومختلف عواصم العالم، وأعادت للبلد مكانته واحترامه المهدور بالمغامرات التي شوهت سمعته خلال الفترة الأخيرة.
لقد عملت حكومة المرحلة الأولى من فترة حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على إعادة البلد إلى سكته الطبيعية قبل أن تستقيل، وبتعيين الحكومة الجديدة يكون رئيس الجمهورية قد وضع اللبنة الأولى لدخول المرحلة الثانية من تطبيق برنامج "تعهداتي"، والتي ستكون مرحلة جني الثمار، وقد امتازت بإشراك الجميع في بناء الدولة الحديثة التي بشر بها رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي، وباشر وضع حجرها الأساس فور تنصيبه، ولا يزال يبني صرحها دون كلل أو ملل.
إن مما لفت انتباه المراقبين في الحكومة الجديدة هو خلوها من كافة الأسماء التي تم تداولها ضمن قائمة المتهمين بالفساد الواردة ضمن تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الموجود اليوم بحوزة القضاء.
وحتى لا يذهب المرجفون في المدينة إلى القول بأن تلك التحقيقات تأتي في إطار عملية تصفية حسابات، حرص الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، أثناء عرضه لأسماء وزراء الحكومة الجديدة، على القول إن الرئيس أقال الوزراء المتهمين بالفساد لتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، مؤكدا أنه لن يتردد في إعادة الاعتبار لكل من برأه القضاء منهم، وهو موقف في غاية الأمانة والانصاف.
أمانة مع الشعب بتقصي آثار ممتلكاته المنهوبة، وإنصاف لمن تثبت براءته من تهم الفساد.
إن على أعضاء الحكومة الجديدة أن يكونوا على قدر الثقة التي منحهم رئيس الجمهورية، وعلى مستوى التحديات التي تواجه الإصلاح، وأن يبدأوا من حيث انتهى أسلافهم في الوزارات، بدل عادة مسح الطاولة والبدء من الصفر التي درج عليها المسؤولون خلال العقود الماضية، وأدت لتعطيل الكثير من المصالح العامة.
إن الحكومة الجديدة مطالبة بأن تكون عند حسن ظن الرئيس الذي لن يتوانى في استبدال من لم تثبت أهليته لمواكبة الإصلاح، لكن المراقبين يرون في أعضائها من المؤهلات والكفاءات ما يجعلها قادرة على تنفيذ المرحلة الثانية من الإصلاح التي بدأت بتعيين الوزير الأول محمد ولد بلال وإعلان تشكيلة حكومته.
وكالة الوئام الوطني للأنباء