تحل هذه الأيام الذكرى الثانية لتولي الرئيس غزواني لمقاليد الحكم في البلاد. صحيح أن الرجل منتخب ب52% لكنه يسوس بشرعية 100%. حيث تجمع المعارضة السياسية في البلاد وكذا الأغلبية على أنه يجسد أملا نابضا في التشاور، ويمتلك أدوات كافية للتعاون مع شركاء الوطن فيما اتفق عليه؛ والتسامح فيما اختلف فيه.
هذه الذكرى الثانية تتنزل في سياق دولي حرج؛ جاءت فيه الجائحة على الأخضر واليابس، لكنها عجنت عود الديناميكية التي اجترحها الرئيس غزواني حول نهجه في الحكامة وطريقته في التدبير.
يجيد الاستماع وفي في التزاماته ويزرع الثقة في شركاء الداخل والخارج. عاش طفولته الصغرى بين ظهر آدرار ومصب لعصابه ومراهقته في روصو وأربعين عاما في ضابطية الجيش الوطني شابا ورجلا ومتقاعدا بأعلى رتبة فيه وأعلى منصب فيه.
قبل عامين من الآن خاض وخضنا إلى جانبه إحدى أرقى وأنشط الحملات السياسية الانتخابية، تعهد فيها بأشياء كثيرة دارت وتدور حول المدرسة والمستشفى والمطبخ.
تعهداته في الأربعة والعشرين شهرا الماضية لامست واقع الطبقات المهمشة اليومي، من توزيع شهري للمال على العائلات ذات الدخول المحدودة إلى تحمل الدولة لنفقات العلاج وفواتير الماء والكهرباء عن مئات الآلاف من المواطنين الموريتانيين ممن لم يكونوا بالغي ذلك إلا بشق الأنفس.
بالطبع لم يبلغ مناله كما رسم وذلك عائد لأسباب متعددة منها ماهو قاهر مثل الجائحة العالمية، لكن ماتبقى من مأموريته كفيل بتدارك الاختلالات.
ولنعد قليلا سنتين إلى الوراء حيث لم يسبق في بلادنا أن تشكلت لجنة من البرلمانيين بملء إرادة السلطة التشريعية للتحقيق في أساليب الحكامة لعشرة أعوام لتحيل السلطة التنفيذية نتائج تحقيق السلطة التشريعية إلى السلطة القضائية في تكامل وتناغم بين السلطات.
ثم إن الطريقة التي جوبهت بها الجائحة الأكبر في العالم وفي بلادنا في العصر الحديث، كانت هي الأخرى وماتزال مضمارا للتحدي؛ تحولت فيه بلادنا من ثلاث غرف للإنعاش إلى مئات الأسرة المتكاملة، وتطورت خبرات الكوادر الطبية وتضاعفت أعدادهم في صمت، والأهم من كل هذا وذاك التعايش مع الفيروس والنجاة من سنة بيضاء في التعليم وبقاء قوات الدفاع والأمن في حالة استنفار لسنتين بحرفية ووطنية وإخلاص.
بقيت ثلاث سنوات للرئيس غزواني من مأموريته الأكثر شرعية على امتداد تاريخ الديمقراطية التعددية في البلد الذي يزيد على العقود الثلاثة، ستفتتح بالتشاور الوطني وستستمر فيها مجابهة ومحاربة الجائحة ومفازات ومنغصات الحكامة الرشيدة وسيتدارك البلد فوائت التنمية.
أعتقد أن عناصر ثقة مهمة تم زرعها في السنتين الماضيتين، تجعل التعاطي مع الهم العام يتخذ لبوسا جديدا، حيث توسعت قاعدة التشاور وترسخت أجندا العمل الحكومي وتم الاستماع للطيف الإداري والدبلوماسي والسياسي والشبابي بشكل يجعل التسيير تشاركيا والهم جماعيا.
تم إبعاد الاستبداد وعرفت الجمهورية أخيرا قيمها، والديمقراطية معناها والحرية عنوانها.
ولنا في الأغلبية أن نفخر بأننا كنا ومازلنا ولازلنا الطلائع في تقديم واختيار ودعم هذا الأنموذج على الشعب الموريتاني.
من المبكر جدا الحكم للمأمورية الرئاسية الحالية أو عليها لكن التعاطي مع الذكرى الثانية هو في الأساس ملامسة لمعجزة موريتانية متمحضة لكنها قصيرة بمايكفي لعدم استعجال قطافها.
الأستاذ الشيخ سيديا ولد موسى
عضو المجلس الوطني لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، ونائب برلماني سابق عن دائرة بتلميت.