الوئام الوطني- انطلقت مساء اليوم الثلاثاء 15 مارس 2021 أعمال ندوة فكرية منظمة من طرف مؤسسة رسالة السلام العالمية تحت عنوان "الخديعة الكبرى".
وتطرقت الندوة لمضامين كتاب "ومضات على الطريق ، الجزء الثالث" للمؤلف المفكر العربي علي محمد الشرفاء.
كما تم خلال الندوة تقديم طبعة جديدة من الكتاب باللغة الفرنسية، بإشراف من مستشار وزير الثقافة والصناعة التقليدية.
مستشار وزير الثقافة والصناعة التقليدية سيدي ولد الامجاد، وخلال افتتاحه لأعمال الندوة باسم الوزير، أبدى سعادته بحضور مثل هذا النشاط.
وأضاف ولد الامجاد ان الإصدار المناقش، ضمن الندوة ليس علامة مضيئة فقط، للتواصل بين بلادنا، والإمارات العربية المتحدة، وإنما هو إضافة لبيت الحكمة، ورصيدها الفكري منذ أنشئت هذه الحاضنة.
واعتبر ولد الامجاد ان أهم مسألة في عملية التحصين هي انتاج الفكر والمعرفة.
وأشاد ولد الأمجاد بعلاقات التعاون، منذ زيارة رئيس الإمارات زايد بن سلطان آل نهيان لموريتانيا.
وأكد ولد الامجاد أن هذه المنصة إضافة لبناء هذه العلاقات بين موريتانيا والإمارات، وان الاحتفاء بهذا الإصدار هو تعبير عن وعينا بأهمية الفكر والثقافة.
انطلقت الندوة بحضور مفكرين واكاديميين علي رأسهم الدكتور محمد ولد الرباني رئيس مدرسة الدكتوراه بجامعة نواكشوط والباحث في جامعة السربون بفرنسا عضو في مجلس رسالة السلام
من جهته الرئيس الإقليمي لمؤسسة رسالة السلام العالمية الأستاذ حي معاوية فقد رحب بالحضور من شخصيات رسمية، ومثقفين وأساتذة.
وألقى حي كلمة مفصلة باسم مؤلف الكتاب المفكر العربي علي محمد الشرفاء، تحت عنوان الخديعة الكبرى جاء فيها:
كانت البعثة النبوية بداية لمرحلة جديدة لإرساء خارطة طريق للإنسانية جمعاء بما أنزله الوحي على رسول الله محمد بن عبد الله من آيات بينات فى القرآن الكريم ومن عبادات وتشريعات وعظات وأخلاقيات تؤسس لفجر جديد يشرق على البشرية، راسما لهم عناصر الحياة الكريمة في جو من السلام والايمان والأمان، لكي تسعى المجتمعات الانسانية لتعمير الأرض واكتشاف كنوزها لتسخير خيراتها لخير الإنسان في كل مكان، مما يحقق قيام المدينة الفاضله ليعيش الناس فيها متساويين في الحقوق والواجبات في ظل العدل والرحمة والحرية والسلام تتنزل عليهم بركات السماء خيرا ورزقا.
وقد تسلط على الخطاب الإلهي الذي أنزله الله على رسوله أقوام ابتعدوا عن كتاب الله الذي يدعوهم للخير والصلاح وانشأوا كتبا مغايرة للآيات وما تدعوا اليه من احترام العقل وتوظيفه في التدبر فى مقاصدالآيات لمنفعة الانسان وصلاحه ودعوة للتطور والبحث فى القران وما يدعو اليه لاستنباط الحقائق العبادية والالتزام بالتشريعات الالهية وممارسة الآداب القرانية قولا وسلوكا، فقد شوهوا التعليمات الالهية للناس مما أدى إلى تحريف رسالة الإسلام باستحداث عشرات الآلاف من الروايات حتى طغت الروايات على الايات وتحقق لأعداء الإسلام استهداف القرآن الكريم وعزله عن أن يكون المرجعية الالهية للناس حتى جاءت شكوى الرسول عليه السلام لربه تؤكد تلك الحقيقة في قوله سبحانه: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) (الفرقان: 30)، حدث ذلك بعد وفاة الرسول عليه السلام منذ اربعة عشر قرنا الى اليوم، علما بأن الله سبحانه حدد بوضوح لايقبل الشك والتأويل مهمة الرسول عليه السلام فى التكليف الإلهي مخاطبا سبحانه رسوله الكريم فى قوله:
(1) (المص (1) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (2)) (الأعراف: 1-2)
(2) (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ) (المائدة: 67)
ليبلغ الناس بآيات الله لتهديهم الى الطريق المستقيم، وقد أكد سبحانه للرسول بقوله سبحانه: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ((44)) (الزخرف: 43 – 44)، يوصي رسوله بالتمسك بالقرآن الكريم ولا يحيد عنه ويذكر به الناس وهو ذكر للرسول ولقومه وسوف يسألون عنه اتباعهم له يوم الحساب
وما توضحه الآيه الكريمة أن التبليغ للناس لرسالة الإسلام يكون بتلاوة القرآن عليهم وشرح مقاصد آياته لمنفعة الناس وصلاحهم وتعريفهم بالتشريعات والعظات والاخلاقيات، كما قال سبحانه: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (البقرة: 151)، فلم ينزل الله بعد كتابه المبين والذكر الحكيم أحاديث قدسية أو غير قدسيه مستندة الى روايات استحدثها أناس مغرضون ذوي أهداف خبيثة لاثارة الشك والالتباس والفتنة بين المسلمين لاضعاف الاسلام، وجعل المسلمين فى صراع دائم للبحث عن حقيقة رسالة الاسلام وهديه بعد ان التبس عليهم الحق والباطل، مما أدى الى تفرق المسلمين وادعاء كل طائفة هي الوصية على الاسلام وهي الأكثر معرفة بدين الله، فسالت بينهم اودية من الدماء عطلت مسيرة رسالة الاسلام وأعاقت دعوة الرحمة والعدل والحرية والسلام لبناء المجتمعات الانسانية المسالمة والمستقرة، أنما كلف رسوله بما جاء في الآيات الكريمه فقط وبعلم الله الأزلي أن المسلمون سيهجرون القرآن، كما جاء فيما سبق في الآيه (30) من سورة الفرقان، وأنه سيحل محل القرآن روايات افتريت على الرسول ومقولات استحدثت منسوبة اليه عن الصحابة وسميت بالاحاديث ليتم عزل القران كمرجعية وحيدة لرسالة الاسلام عن المسلمين وتحل محله الروايات والاسرائيليات في توجيه خاطيء لرسالة الاسلام تستهدف خلق الفتن بين المسلمين وتجعلهم في صراع دائم وقتال مستمر ينتشر فيما بينهم خطاب الكراهيه والريبة ليتفرقون طوائفا وشيعا واحزابا، كل له كتابه وامامه ومنهجه، ولذلك يخاطب الله رسوله بقوله سبحانه في صيغة استنكاريه (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية: 6)، تؤكد هذه الآية عدم اعتراف الله سبحانه بما سمي بالأحاديث التي نسبوها للرسول ظلما وبهتانا، وهي تحذير للمسلمين بعدم اتباع تلك الروايات والاسرائيليات التي سميت بالاحاديث، لأنها ستتسبب فى هجر القرآن واعتبارها المرجع الوحيد لرسالة الاسلام يستمدون منها التشريعات لتنظيم شؤون حياتهم، وهنا يختل ميزان العدل ويحدث الشقاق والنفاق وتنتشر الفتن، وذلك ماحدث فى الماضي منذ اربعة عشر قرنا وما يحدث اليوم اعادة انتاج نفس الفرق الضالة بأسماء مختلفة من داعش والاخوان والقاعدة والتكفيريون وغيرهم الكثير لأنهم هجروا كتاب الله واتبعوا روايات الشياطين فضلوا الطريق المستقيم، كما أن الله سبحانه يخاطب رسوله أيضا بأمر يدعو المسلمين للوحدة والالتفاف حول الكتاب المبين والاعتصام به حتى لايهجروا كتاب الله وهو يدعوهم بقوله سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: 103) ثم يحذرهم أيضا بقوله (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال: 46)، ويصف الذين فرقوا دينهم بقوله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ) (الأنعام: 159) وقوله فى تفرق المسلمين أيضا (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ(31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) ) (الروم :31-32)، حيث أن الله سبحانه يقول لرسوله إن المسلمين الذين فرقوا دينهم لست منهم، كما أن الذين يسعون فى خلق الفرقة بين المسلمين وصفهم الله سبحانه مثل المشركين لأنهم لم يتبعوا ما أنزل اليك من تشريعات فى القرآن الكريم، بالرغم من دعوة صريحه لهم من الله سبحانه في قوله: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف: 3) وبالرغم من الحقائق القرآنيه التي وردت في بعض الآيات أعلاه إلا أن الناس تم استغفالهم واستدراجهم بالروايات بما سمي بالأحاديث افتراءا على الله ورسوله الأمين فاتجهوا اتجاها مغايرا لما يريده الله لهم من خير وصلاح وحياة، ينتشر فيها التعاون والمحبة والرحمة والحرية والسلام والعدل بين الناس، وقد ساهم الفقهاء ومن تمت تسميتهم بالعلماء والمفسرون الذين احتكروا فهم مقاصد القرآن ليصبحوا المرجعيات الوحيدة لرسالة الاسلام حتى يسيطروا على عقول المسلمين ويوجهونهم حيث يريدون، وقد وصل بهم تجاوز الفرض الالهي الذي أمر الناس بالتدبر فى آيات قرآنه والتفكر فى مقاصد تشريعاته لخير الانسانية جمعاء الى أنهم أفتوا بقفل باب الاجتهاد والتوقف عن التفكر والتدبر فى آيات الله، رافضين أمر الله للناس بقوله سبحانه: ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) (النساء: 82) وقوله سبحانه: ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد: 24) وقوله سبحانه: ( أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ ) (المؤمنون: 68) وقوله سبحانه: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )(ص: 29)، فكيف قرر شيوخ الدين (اقفال باب الاجتهاد)، فى موقف يتناقض مع تشريع الله وآياته وعصيان لأوامر الله وطاعته، وذلك بقولهم بعدم جواز استنباط جديد وفهم أمين يوضح للناس مقاصد آياته لما يحقق لهم الأمن والرحمة والعدل والحرية والسلام بالرغم أن الله سبحانه جعل التدبر فى آياته والتفكر فى تشريعاته فرض عين على كل انسان لديه القدرة على القراءة ومعرفة معاني الكلمات حيث يتحمل وحده مسؤولية فهم النص وادراك مقاصده .
لذلك تفرقت بهم السبل وضلوا عن الطريق المستقيم، أربعة عشر قرنا من الزمان، حينما احتكر بعض الفقهاء فهم النصوص القرآنية وسوقوا لمفاهيمهم بمختلف الوسائل الدعائية من ترهيب لمن يخالف فتاويهم وتفسيراتهم وأحكامهم عن الحلال والحرام من العذاب يوم القيامة ومصيرهم جهنم وبئس المصير، فقد حذرهم الله سبحانه عن ذلك بقوله (وَلا تَقولوا لِما تَصِفُ أَلسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هـذا حَلالٌ وَهـذا حَرامٌ لِتَفتَروا عَلَى اللَّـهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذينَ يَفتَرونَ عَلَى اللَّـهِ الكَذِبَ لا يُفلِحونَ) (النحل: 116)، ولمن يؤمن برواياتهم وفتاويهم ويكون تابعا لهم يسير خلفهم كالأعمى لايرى غير مايراه الفقهاء ويعطل فرض التفكر والتدبر فى آيات القرآن الكريم يعدونه بأن سيجزيه الله جنات النعيم علما بأن الرسول عليه السلام قد بلغ الناس في حجة الوداع قول الله سبحانه (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3)، وبهذا الاعلان الواضح من الرسول بانتهاء الخطاب الإلهي للناس فمن أين أتي من يسمونهم بالعلماء والأئمة وناقلي الروايات وغيرهم بروايات مفتراه بعشرات الآلاف مما أطلق عليها بالأحاديث ظلما وبهتانا بين ضعيف وحسن وقدسي وغير قدسي ومقبول ومقطوع، فمن أنبأهم بذلك؟ هل نزل عليهم جبريل بكتب جديده وأحاديث غير أحاديث الله سبحانه في كتابه الكريم الذي أنزله على رسوله بالرغم مما تدحضه الايات التي سبق ذكرها في القرآن الكريم فى قوله سبحانه (اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّـهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)(الزمر : 23) وقوله سبحانه (اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّـهِ حَدِيثًا ) (النساء: 87) وقوله سبحانه (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (المرسلات : 50) ومخاطبته لرسوله الكريم مستنكرابقوله سبحانه (تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) (الجاثية: 6)، تلك الآيات تنفي الاعتراف بكل مايسمى أحاديث بكل أنواعها أحاديث وروايات مرسلة أو مايسمى بأحاديث قدسية فكلها محظ افترتء وبهتان على رسول الله لأن الرسول مؤتمن على ايصال الرسالة الكلف بها الى الناس ولايمكن حذف أو اضافة من الرسالة المكلف بها من الله تأكيدالقوله سبحانه (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (42) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ (48)) (الحاقة: 40-48)، تحذير الله مبلغا الناس الذين يستقبلون آيات الله عن رسوله الأمين بأن الله قد نبه رسوله الكريم بعدم التقول على الله وجزاء ذلك من يتقول على الله تأكيدا من الله سبحانه للناس ماينطق به الرسول عليه السلام من آي الذكر الحكيم آمنو به وصدقوه واتبعوه بكل مايبلغكم به عن ربه من عبادات وتشريعات وقواعد المعاملات بين الناس وما يعظكم به من الأخلاقيات ومبادئ قيم الفضيلة لتسمو به العلاقات الانسانية , ولذلك خاطب الله رسوله بقوله سبحانه ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (المائدة: 67)، وهذه الآية تأكيد اضافي للرسول الكريم بأنه مكلف فقط بتبليغ الناس بما أنزل اليه من آيات القرآن الكريم وليس بأي شيئ آخر مثل الروايات المغرضة الى ألفها الغير مؤتمنين على رسالة الاسلام والتى نسبوها للرسول عليه السلام افتراءا وبهتانا وأطلقوا عليها أحاديث منها القدسية ومنها أحاديث عادية مصنفة بعشر ات الأنواع منها يتيه فيها المسلم فى ظلمات لايكاد يجد سبيلا للخروج منها بما فعله ناقلي الروايات ومن قام بتسويقها للمسلمين ممن يسمونهم الفقهاء وشيوخ الدين على مدى اربعة عشر قرنا من الزمن أفقدت رسالة الاسلام قيمها وأهدافها السامية لما تستهدفه من مصلحة الانسان ومنفعته فى الحياة الدنيا والآخرة والتى يستشهد بها القرآن فى قوله سبحانه ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى (123) وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى (124) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرتَني أَعمى وَقَد كُنتُ بَصيرًا 125) قالَ كَذلِكَ أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى (126) )(طه: 123-126)، ولقد خاطب الله رسوله ينبئه بما سيتبعه المسلمين فى المستقبل بصيغة استنكارية حيث قال سبحانه (تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) (الجاثية: 6)، يبين الله للناس ويحذرهم من اتباع ماسمي بالأحاديث لأن ذلك سيصرفهم عن تلاوة القرآن الكريم وهو رسالة الله للناس ودستورا لحياتهم ومماتهم يرشدهم الى طريق الخير والسعادة والأمن والسلام. ومن هنا أصبح موضوع تصويب الخطاب الإسلامي هو العودة لأصل الرسالة التي أنزلها الله على رسوله في الكتاب المبين ليبين للناس طريق الهدى والخير والأمن والرحمة والعدل والسلام ويضع تشريعا يمنع به الناس من الاعتداء على بعضهم ويأمرهم بالتعامل بينهم بالحسنى وان حسابهم يوم القيامه ليس بأنسابهم ولا بقربهم من الرسول، إنما بأعمالهم وفق القاعدة الإلهيه (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) (الزلزلة: 7-8).وقوله سبحانه ( يَومَ تَأتي كُلُّ نَفسٍ تُجادِلُ عَن نَفسِها وَتُوَفّى كُلُّ نَفسٍ ما عَمِلَت وَهُم لا يُظلَمونَ ) (النحل: 111)، وقوله سبحانه يصف للناس يوم الحساب جزاء كل نفس بما كسبت فى الحياة الدنيا ( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّـهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ) (النساء: 173)، ولذلك تفاديا لما سيواجهه الانسان يوم القيامة اثناء الحساب على قاعدة المنهاج الالهي وهو القران الكريم وآياته والذى سيحاسب عليه الناس جميعا دون استثناء ليتحق للانسان الأمن يوم الحساب كماقال سبحانه (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) (الإسراء: 9)، وقوله سبحانه: (الَّذينَ آمَنوا وَلَم يَلبِسوا إيمانَهُم بِظُلمٍ أُولـئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدونَ ) ( الأنعام: 82).
وعلى المسلمين يجب التقيد بالآيات القرآنيه ضرورة قصوى للانسان ليأمن يوم الحساب دون النظر الى الاجتهادات البشريه والروايات المستحدثة وأقوال الفقهاء المرجفة فالمسلم مأمور باتباع القرآن وهديه واتباع مقاصد آياته وأنه في هذه اللحظه الفارقه بين رسالة الاسلام الحقيقية التي أنزلها الله على رسوله منذ أربعة عشر قرنا ( فى كتاب لايضل ولاينسى)، وما حدث خلال تلك العصور السابقه من تحريف وتزوير وافتراءات على الله ورسوله نقف اليوم امام الله معاهدين بأن نرفع عن كتابه ما وقع عليه من ظلم وبهتان وهجر وتشويه لكتابه وأحكامه أمانة ومسؤلية عظيمة سيحاسب عليه الانسان يوم القيام حتى لايتهم العارفين باللغة العربية والمتعلمين بما قاله سبحانه ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّـهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (البقرة: 159)، امانة عظيمة يحملها كل من آمن بالله ورسوله واتبع كتاب الله وعرف مقاصد آياته وما تدعو اليه الناس من رحمة وعدل وحرية وسلام والمعاملة بالحسنى .
التكليف للرسول واضح والرسالة محددة بالتقيد بابلاغ الناس بآيات القرآن الكريم والإلتزام بإيصال الخطاب الإلهي وشرح مقاصده لما ينفع الناس في الدنيا والآخرة ويرشدهم الى اتباع منهج القرآن الكريم كما قال سبحانه لرسوله فى خطاب التكليف (( قُلْ أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) (النور: 54)، تلك هي مهمته عليه السلام الذى أداها بكل الأمانة والاخلاص وبلغ قومه بآيات الله وشرح لهم مقاصدها لمايحقق منفعتهم وسعادتهم و يحقق لهم الأمن والسلام للمجتمعات الإنسانية.
فالله سبحانه قد كلفه يبلغ عباده بخطابه لهم وأن الرسول محمد بن عبد الله لايمكن بأي حال من الأحوال أن يتقول على الله مالم يكلفه به في كتابه الكريم تؤكده الآيات السابقه من استحالة أن يضيف الرسول على كلام الله الذي أنزله عليه في قرآن مجيد أي قول من عنده، يؤكد ذلك تلك الآيات السابق ذكرها تنسف ما نقله وزوروه أهل الروايات على الرسول منسوبةللصحابة من أكاذيب وتحريف اسموها أحاديث وما حشدوا لها من تسويق وانتشار في بقاع الأرض ليقوموا بعملهم الشائن في تشويه رسالة الإسلام الخالدة وما ترتب علىى الروايات والاسرائليات من تفرق المسلمون وتعدد مناهج دين الإسلام وخلق الطوائف والفرق أدت الى التناحر بينهم والصراع وسفك الدماء منذ وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا، وآن الأوان أن يتم إقفال الصفحه السوداء في تاريخ الدعوة الإسلامية لتعود من جديد كما بدأت بيضاء ناصعةكماأمر الله وكما بلغها رسوله للناس في آيات القرآن الكريم. ,ان يعتمد السملمون كتاب الله المرجعية الوحيدة لرسالة الاسلام.
جميعنا غير مدرك لعظمة المهمة وخطورتها ولتوضيح أهميتها فلنعلم جميعا بأن كل من يفكر فى تصويب الخطاب الاسلامي بعدما هجره المسلمون وما تراكم على الخطاب الالهي من كم هائل من الروايات والأقاويل المفتراة على الرسول حتى خفت نور الرسالة وحولت تلك الاسرائيليات و الروايات المسلمين الى أدوات يسوقهم دعاة الفرقة والتطرف الى صراع دائم تاكل الأخضر واليابس منذ وفاة الرسول الى اليوم والمسلمون يعيشون فى محنة وفتنة وقتال وصراع وكراهية ووحشية وعدم تقبل الاخر والاستعلاء على الغير والله سبحانه يبين لهم بقوله (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (القصص: 83)، كل ذلك سببه عزل القران وهجره وطغيان الروايات على الآيات حينما تم تقديس اصحاب الروايات وافتراءاتهم وأوهموا الناس بانها أقوال الرسول وكيف تم توظيفها للاعتداء على الأوطان طمعا للسلطة والثرولات واحتلال البلدان باسم الاسلام وما احدثه المسلمون من قتل وسبي واغتصاب واحتلال باسم الفتوحات الاسلامية لنشر الاسلام أكذوبة انتشرت وقيادات وظفتها لتحقيق مآربا سياسية لاعلاقة لها بالاسلام فدعوة الناس للاسلام حددها الله سبحانه فى تكليفه لرسوله الأمين بقوله سبحانه ( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(النحل: 125)، ولم يأمر الله رسوله بمقاتلة الناس ليكو نوا مسلمين انما خاطب الله رسوله عليه السلام بقوله (وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الأَرضِ كُلُّهُم جَميعًا أَفَأَنتَ تُكرِهُ النّاسَ حَتّى يَكونوا مُؤمِنينَ) (يونس : 99)، وقال سبحانه أيضا: (وَقُلِ الحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر) (الكهف: 29)، تلك الأوامر الالهية للرسول فى الدعوة الى الاسلام فمن أين أتوا بدليل يسمح للمسلمين غزو الأوطان واحتلال البلدان وتشريد الأسر وسبي النساء والسيطرة على أملاك الناس والتمتع بها ظلما وعدوانا مرتكبين جريمة أخطر من الاحتلال هي تبرير أعمالهم الاجرامية باسم نشر الاسلام يفترون على الله ورسوله ظلما وبهتانا والله يأمر الناس جميعا بقوله سبحانه (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ ) (المائدة: 2)، حكم الهي عام لكل الناس الامتناع عن العدوان بالمطلق وبكل أشكاله والتعاون على ماينفعهم ويصلح أحوالهم كما تسببت تلك الروايات ليتوه المسلمون أربعة عشر قرنًا في سفك الدماء والتدمير والتشريد والحروب فيما بينهم لتهيئة المشهد فى العالم العربي لسيطرة القوى الاستعمارية ومرشديهم من الصهاينة الذين استطاعوا ان يزوروا تلك الاحاديث بأشكال مختلفة منها الحسن ومنها الضعيف ومنها المقطوع ومنها المتواتر والصحيح والآحاد القدسي واسماء عدة وابتكروا وسائل اغراق العقول فى شكليات وقواعد منها الجرح والتعديل وعلم الرجال وصنوف من المصطلحات التى لاتمت لرسالة الاسلام بصلةشغلوا المسلمون بها ليبعدوهم عن كتاب الله الذى يدعوهم لتوظيف العقل والرحمة والحرية والسلام والعدل وحسن المعاملة والتواد وتحريم قتل النفس والتعاون وعدم الاعتداء على الناس ليحقق لهم الأمان ويوجههم لماينفعهم ولا يضرهم بينما اكثر الروايات سببت الفتن ونشرت خطاب الكراهية والصراع فما احوجنا اليوم لنعيد للعقل احترامه بما كرمنا الله به تدبرًا وتفكرا فى كتابه لنستنبط منه حقائق الحياة ونتعرف على الكون ونوظف نعم الله فى الأرض لمصلحة الانسان ونطوي صفحة سوداء عمرها أربعة عشر قرنًا لنعود ونستشعر أننا فى حضرة الرسول الأكرم عليه السلام يتلو علينا ايات القرآن الكريم ويبين للناس مقاصده الخيرة للناس جميعا ليتحقق لهم العيش الآمن والسلام والاستقرار ليقوم الناس بعبادة الله وممارسة الأعمال الصالحة وأداء واجباتهم من صلوات وصيام وحج والانفاق فى سبيل الله لنشر كتاب الله عملا وقولا لكي تنتشر آياته وتشريعاته وعظاته وأخلاقياته لتضيء فى الكون نورا وسلاما ورحمة ووئاما بين جميع خلق الله تلك تصبح مهمة المخلصين من المتقين المتجردين فى خدمة رسالة الاسلام لمصلحة الانسانية جمعاء لتصويب الخطاب الاسلامي مهمة عظيمة وليست جلسات ومداخلات اعلامية وإنما عمل يبتغي من ورائه المفكرون وجه الله واسترجاع ماتم اختطافه من التشريعات الالهية من خلال التزام بكامل الأجندة القرانية واستكمال كل نقص وازالة كل ماطرأ على الرسالة من تشويه مقاصد الخير للناس وتحديد موضوعات الرسالة كما أراد الله لها لتنقذ الانسان من عبودية العقل لعباده من الأحياء والأموات مع تعدد المسميات من الصحابة أو أولياءاًو اهل البيت وكلهم لاينفعون انفسهمً او غيرهم ولايضرون تأكيدا لقوله سبحانه (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ) (العنكبوت: 41)،
بالرغم ان الله سبحانه امر الناس بأمر واضح فى قوله سبحانه (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف: 3)، وان تصويب الخطاب الاسلامي يجب أن تكون ارادة صادقة ونية مخلصة يبتغي أصحابها من ورائها رضى الله ورحمته من اجل تصحيح مسار رسالة الاسلام لخير البشرية ورفع ماوقع عليها من محاولات شريرة لخداع المسلمين ودفعهم لاتباع الطرق الخاطئة التى قد تؤدي بهم الى مالا ما لايحمد عقباه عند الحساب ليجدوا أنفسهم فى مأزق حين يسألهم الله سبحانه بقوله هل اتبعتم ما أنزل اليكم وأطعتم الرسول فيكون جوابهم (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) (الأحزاب:67).
فطاعة الرسول فيما انزله الله عليه من ايات القران الكريم هداية للناس من رحمة وعدلً وحرية وسلام وإحسان وتعاون على البر والتقوى وتعاملً راق مع كل البشر وفق اخلاقيات القران وتشريعاته وعظاته لتعيش المجتمعات الانسانية فى كل مكان فى عيش كريم وامن واستقرار بلا حروب ولاقتال ولاخوف ولافزع ولاظلم بل اطمئنان وسكينة والكل يسعى فى مناكبه ويأكل من رزقه ترفرف عليهم بركات الله وتتنزل عليهم نعمه ورحماته لقد ارتكب المفسرون واصحاب الروايات وناقليها وشيوخ الضلال اكبر جريمة فى تاريخ الانسانية عندما عملوا على عزل القران من حياة الناس على مدى أربعة عشر قرنًا وجعلوهم يتوهون بين روايات مكذوبة واسرائيليات موضوعة وأساطير مزورة افتروها على رسول الله ونسبوها اليه وهم يعلمون حق العلم بان التكليف الالهي للرسول محدد والمهمة واضحة فى قوله سبحانه (المص (1) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (2)) (الأعراف: 1-2)، ثم تتبعها اية آمرة للناس بأن لايتبعوا غير كتاب الله سبحانه فى قوله (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف: 3)، الم يتدبروا اياته الم يخافوا عذابه فى الدنيا والاخرة عندما ارتكبوا تلك الجريمة والتى اضلوا المسلمين باتباعها ويوءمنون بتلك الروايات كأمر مسلم بها وصدقوا ان الرسول هو الذى تحدث بها وهو لم يخوله الله بالتحدث نيابة عن الخطاب الالهي القرآن الكريم الا ماتلقاه من الوحي ليبلغ الناس بآيات قرانه وحين يقف الناس المخدوعين امام الله يوم القيامة حيث يقول سبحانه: (يَومَ نَدعو كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِم فَمَن أوتِيَ كِتابَهُ بِيَمينِهِ فَأُولـئِكَ يَقرَءونَ كِتابَهُم وَلا يُظلَمونَ فَتيلًا (71) وَمَن كانَ في هـذِهِ أَعمى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمى وَأَضَلُّ سَبيلًا (72)) (الإسراء: 71-72)
ويستمر المشهد الماساوي حيث يبحث الانسان عن عذر فلايجد غير الندم في قوله (يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا) (الفرقان: 28)، يوم يعض الظالم على يديه يقول (يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) (الفرقان: 27)، وقوله سبحانه يصف الذي ضل سبيل القرآن (لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (٣٠)) (الفرقان: 29-30)، انه مشهد تقشعر منه الأبدان ويتمنى أن يفر منه الانسان وقد حذر الله سبحانه عباده من ذلك المشهد في قوله (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ)(البقرة: 48).
نباء عظيم يبلغنا الله سبحانه قبل أربعة عشر قرنًا بان المسلمين سوف يهجرون القران إنذار استبق محاولات المجرمين فى طمس رسالة القران لتحل محله الروايات دون ان يتنبه المسلمون لهذا الإنذار بعد وفاة الرسول ويعملون على حماية كتاب الله من الشياطين الذين لا يريدون لنور الله ان ينتشر فى الارض يضيء للناس طريق الخير والصلاح والعدل والسلام وجاء تحذير الله أولئك المجرمين فى قوله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)(البقرة: 159).
فقد كتموا ما أنزل الله من البينات وإستبدلوه بروايات وأساطير وحكايات تستخف بالعقول وتنشر اللامعقول ليتوه الناس وينشغلون عن القرآن من أجل أن تستباح دول العربان ويسيطر العدوان على ثرواتهم ويتم إستعبادهم فلاتقوم لهم قائمة ويتحقق حلم اليهود ويسيطر أبناء صهيون يستبيحون أوطاننا ويستعبدون شعوبنا وينهبوا ثرواتنا وتتحقق أحلامهم في دولة من النيل الى الفرات، لذلك لابد من وقفة شجاعة نطوي فيها كلما جاءت به الروايات منذ وفاة الرسول عليهم السلام ونتبع ما أمره الله ان يبلغ الناس به فى قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ) (المائدة: 67)، ويبين له سبحانه فى مهمته ان يبلغ القران واياته ويعلمهم الحكمة وتشريعاته ويعرفهم أخلاقياته يخاطبه ربه بقوله (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)) (الزخرف: 43 – 44)، ينبه الله سبحانه رسوله بالتمسك بالقران الكريم وانه ذكر له ولقومه وان الله سياءلهم عن اتباعه يوم القيامة.لقد ارتكب ناقلي الروايات وبعض الفقهاء جريمة الظلم الذى وقع على كتاب الله المبين من تحريف وتزوير وافتراءات على آياته ورسالته وماتدعو اليه من رحمة وعدل وحرية الاعتقادوتمسك الناس باداب القران وتشريعاته وأخلاقياته.
لقد أصبحت تلك الروايات والاسرائيليات مرجعيات القتل والتدمير والكراهيه لكل فرق الإرهاب منذ عهد القرامطه الى عهد داعش والاخوان والقاعدة استمدوا عقيدتهم ومنهجهم الاجرامي مما تناقلته الألسن من تحريف رسالة الإسلام ومن التزوير على الله ورسوله، فرقت المسلمين الى طوائف ومذاهب وفرق متناحرة فأنستهم آيات الله وضلوا الطريق وهم في ظلمات الى أن يرجعون لكتاب الله يهديهم الطريق المستقيم الذي يصفه الله سبحانه مسؤولية رسوله ومهمته بقوله (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ (69) لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70)) (يس: 69-70)، كما ينطبق على الذين ضلوا طريق الحق وأصبحوا مجرمين وصف الآيات التالية في قوله سبحانه وتعالى لرسوله: (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79) إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (81)) (النمل: 79-81). وقوله سبحانه: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ (85)) (النمل: 83-85).
وحينئذ عندما يرون الموت وقد اقترب حسابهم يتوسلون لله وكلهم حسرة وفي حزن شديد حيث يصف الله حالهم بقوله سبحانه: ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100))(المؤمنون: 99-100)، وهكذا تكون رحمة الله لعباده ينذر الناس من اليوم الموعود ومن حساب لكل من عمل صالحا ولكل من ضل طريق الهدى سيكون احدهما كما وصف الله يوم القيامة بقوله سبحانه ( يَومَ يَأتِ لا تَكَلَّمُ نَفسٌ إِلّا بِإِذنِهِ فَمِنهُم شَقِيٌّ وَسَعيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذينَ شَقوا فَفِي النّارِ لَهُم فيها زَفيرٌ وَشَهيقٌ (106) خالِدينَ فيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَرضُ إِلّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُريدُ (107) وَأَمَّا الَّذينَ سُعِدوا فَفِي الجَنَّةِ خالِدينَ فيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَرضُ إِلّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيرَ مَجذوذٍ(108))(هود: 105-108)، فليختار الانسان مايشاء طريق الهدى واتباع الكتاب المبين الذي بلغ الناس به الرسول الأمين واما اختياره لطريق الشيطان واتبع الهوى وماروى شيوخ الدين من تضليل وروايات المنافقين وسيكون حسابهم عندربهم على قاعدة قوله سبحانه (من عمل صالحا فانفسه ومن أساء فعليها وماربك بظلام للعبيد .
الخلاصة:
لم يعطي الله الحق في التكليف الالهي لجميع رسله وأنبيائه بأن يأتوا بآيات أو أحاديث من تلقاء أنفسهم تأكيدا لقوله سبحانه مخاطبا رسوله عليه السلام ( وَلَقَد أَرسَلنا رُسُلًا مِن قَبلِكَ وَجَعَلنا لَهُم أَزواجًا وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسولٍ أَن يَأتِيَ بِآيَةٍ إِلّا بِإِذنِ اللَّـهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) (الرعد: 38)، فكيف افتروا أصحاب الروايات على الله ورسوله بعد أن أعلن عليه السلام فى خطبة الوداع قول الله سبحانه ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (المائدة: 3)، وقوله سبحانه تأكيد الاستكمال خطابه للناس بقوله (وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقًا وَعَدلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّميعُ العَليمُ ) (الأنعام: 115)، أليست تلك الآيتين تفضح وتدحض كل الروايات المنسوبة للرسول عليه السلام كذبا وافتراءا عليه، ثم يأمره فى خطاب التكليف بمسؤليته فى ايصال رسالته للناس مخاطبا رسوله بقوله سبحانه ( وَإِن ما نُرِيَنَّكَ بَعضَ الَّذي نَعِدُهُم أَو نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيكَ البَلاغُ وَعَلَينَا الحِسابُ) (الرعد : 40)، وهكذا بكلمات واضحة وتعليمات مؤكدة لمهمة الرسول محصورة فى ابلاغ الناس رسالة الله لهم وشرح مقاصد آياته لما ينفعهم فى الدنيا والآخرة، ولهم حق الاختيار بين الطريقين طريق الله وطريق الشيطان، وما على الرسول الا البلاغ المبين، أما حساب الناس فهو عند الله الذي يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور وهو العادل السميع العليم، ولم يكلف سبحانه أيا من رسله وأنبيائه أن يكونوا وكلاء عنه على الناس فى الحياة الدنيا وحساب الناس جميعا عند ربهم يوم تقوم الساعة حيث وضع الله سبحانه قاعدة أزلية للحساب بقوله: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّـهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (الحج: 17)، فليس من حق أي انسان رسولا أو نبيا أو فقيها فى الدين أو عالما أن يكفر أي انسان أو يحكم على الناس على مايراه فى الظاهر بالتكفير .